واتصل بمحمد بك بن أرتنا، وعاد الأمير سيف الدين أرغون الكاملي إلى حلب، ودخلها يوم الثلاثاء خامس شهر رجب سنة أربع وخمسين وسبع مئة، وقاسى هو والعساكر شدائد وكابدوا أهوالاً، ومشى هو بنفسه في تلك المضائق، ثم إن ابن دلغادر وصل إلى حلب، وجهز منها إلى مصر مقيداً، وجرى له ما جرى، على ما يأتي ذكره في ترجمته.
ولم يزل الأمير سيف الدين أرغون على حاله نائباً بحلب إلى أن خلع الملك الصالح صالح، وأعيد الملك الناصر حسن في بكرة الاثنين ثاني عيد الفطر سنة خمس وخمسين وسبع مئة، وطلب الأمير سيف الدين أرغون الكاملي إلى باب السلطان، وحضر الأمير سيف الدين طاز عوضه نائباً بحلب، وذلك في أواخر شوال. وأقام أرغون الكاملي بالديار المصرية أمير مئة، مقدم ألف تاسع صفر سنة ست وخمسين وسبع مئة فأمسك بالقلعة، وجُهز إلى الإسكندرية، واعتقل هناك. ولم يزل هناك معتقلاً وعنده زوجُه إلى أن أفرجَ عنه، ورُسم له بالحضور إلى القدس الشريف ليكون به مقيماً، وحصل له ضعف، وأثقل في المرض، وعوفي بعد مدة. وبنى بالقدس تربة حسنة.
وكان قد عز على الحج في سنة ثمان وخمسين، فمرض أيضاً، وأفطر شهر رمضان، فبطل الحج، ولم يزل إلى أن توفي رحمه الله تعالى في يوم الخميس خامس عشري شوال، ودفن في تربته، ولم يكمل عمارتها، وخسف الموت من أرغون الكاملي بدره الكامل، وبت شمل سعده الشامل.