كان ذكياً، له مشاركات في المعقول، وخير ما يعرفه الإلهي والطبيعي، ولم يكن يعرف رياضياً ولا منطقياً، وحرفته التي يتكسب بها لجراح مع مشاركة في الطب والكحل وغير ذلك من الطبيعي. ولم يُر أقدم منه على الجراحة في جبر ما يكسر من العظم ويُهاض. باشر الجراحات العظيمة للأمراء الكبار مثل الأمير بدر الدين بيدرا ناظر الأشرف على عكا، ومثل الأمير علم الدين سنجر الدواداري، وفيه يقول علاء الدين الوداعي، وقد عالج سنجر الدواداري، ونقلته من خطه:
يا قوم إن الدواداري مبتع ... في فضله أنبياءَ الله مجتهد
كأنه دانيال في كرامته ... ذلت له الأسد حتى طبّه أسدُ
وكان الملك المؤيد صاحبكم حماة يحبه ويقربه. وبلغني أنه - رحمه الله تعالى - أوصى له بشيء من كتبه، وكان يتردد إلى العلامة تقي الدين بن تيمية، ويجتمع بالشيخ صدر الدين بن الوكيل، ويبحث معهما.
وكان السلطان الملك الناصر قد طلبه إلى القاهرة ليعالج ما بالأمير عز الدين أيدمر الخطيري من الفالج. ورأيته هناك في سنة سبع وعشرين وسبع مئة، وهو آخر عهدي به، ولم أرّ من يعرف علم الفراسة أحسن منه بعد الشيخ شمس الدين محمد بن أبي طالب الآتي ذكره - إن شاء الله تعالى - في المحمدين.
وقال لي: جبرت رجلاً وداويتها بقدوم ومنشار ومثقب.
ولم يزل على حاله إلى أن هلك، وذاق مرارة الموت وعلك.