للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرحاً حافلاً، وأتى به لغوامض المذهب كافلاً، لو أنصفه الناس لم ترفع لغير الرافعي راية، وتحققوا أنّ بداية هذا الكتاب مثل النهاية، ولا بد لهذا الشرح من وقت يوفى فيه حقه، ويعطيه الطاعة كل فاضل، فما يعوقه عن التقديم على غيره ولا يعقّه، مع ما في فضله من فضولٍ في بعض الفصول، وزيادات بيان لا تعلق لها بالفروع ولا الأصول. وعلق على منهاج النووي جزءاً لطيفاً فيه نتف، وكلامه فيه أطرب من حمام الأيك إذا هتف.

وكان صادق اللهجة فيما ينقله، حاذق المهجة فيما يتروى فيه أو يتعلقه، طويل الروح على الدرس والإشغال، كثير التوغل في الإيضاح والإيغال، حريصاً على تفهيم الطالب، يودّ لو بذلك كنوز العلم وما فيه من المطالب، لا يعجبه من يورد عليه تشكيكاً، ولا من يطلب منه تنزيل ألفاظ ولا تفكيكاً، لأنه هو فيما بعد ذلك يتبرع، فما يحب من غيره أن يسابقه ولا يتسرع، وذلك ليبسٍ في مزاجه، وحدّة تلحقه عند انزعاجه، وحاجة إلى استعمال خيار الشمبر لعلاجه، فقد كان ذلك نقله على الدوام، ولا يُخل باستعماله في يوم من الأيام، وكان رقيق البشرة، ظاهرة الوضاءة، كأن وجهه حبره، وله حظّ وافرٌ من صدقة وصيام وتهجّد في الليل وقيام، قل أن يخرج الشهر وما يعمل فيه لأهل مدرسته طعاماً، ويدخلهم إلى منزله فراداً وتُوأماً، ويقف لهم عند الباب ويدعو لهم ويشكرهم، ويعرفه بالميعاد الثاني وينذرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>