للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد شهر ونصف خرج تنكز من مصر إلى الشام عائداً، فلما قارب غزة تلقاه ألطنبغا، وضرب له خاماً كبيراً، وأنزله عنده، وعمل له طعاماً، فأكل منه، وأحضر بناته له فتوجع له، وأقبل عليه بذلك، وخلع عليه، وتوجّه إلى دمشق.

ولم يزل بغزة نائباً إلى أن أمسك السلطان تنكز، فرسم لألطنبغا بنيابة الشام، فحضر إليها يوم الاثنين سادس المحرم سنة إحدى وأربعين وسبع مئة. ودخلها والأمير سيف الدين بُشتاك والحاج أرقطاي وبَرْسْبُغا وبقية الأمراء الذين كانوا قد حضروا عقيب إمساك تنكز.

ولم يزل بدمشق نائباً إلى أن أُمسك السلطان المنصور أبو بكر، وتولّى المُلْك الأشرف كجك، وتنفس الأمير سيف الدين طشتمر بسبب خلع المنصور ومحاصرة الناصر أحمد في الكرك، فخافه قوصون، وكان هو القائم بتلك الدولة، فاستوحى الأمير ألطنبغا عليه، وكان في نفس ألطنبغا من طشتمر، فجرت بينهما مكاتبات ومراجعات، وحمل ألطنبغا حظ نفسه عليه زائداً، فتجهّز إليه بالعساكر، وخرج بعد صلاة الجمعة من الجامع في مطر عظيم إلى الغاية، والناس يدعون عليه بعدم السلامة؛ لأن عوام دمشق كرهوه كراهة زائدة، وكانوا يسبونه في وجهه، ويَدْعُون عليه، ونشب سنان شَطْفَتِه من خلفه في بعض السقائف، فانكسر، فتفاءل له الناس بالشؤم. ولم يزل سائراً إلى سلميّة، فورد عليه الخبر بأن طشتمر هرب من حلب، فساق وراءه إلى حلب، ونهب أمواله وحواصله وذخائره، وفرقها على الأمراء والجند نفقةً، وعند خروجه من دمشق حضر إليها الأمير سيف الدين قُطلوبغا الفخري، وملكها،

<<  <  ج: ص:  >  >>