وجاءت عساكر الشام، واستقرّ أمر الناصر أحمد، فجهّز الأمير شهاب الدين أحمد بن صبح إلى إسكندرية، فتولّى خنق قوصون وبَرْسْبُغا وألطنبغا وغيرهم في الحبس في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين وسبع مئة، أو في شهر شوال.
ويُحكى أنه ما جزع عند الموت بل توضّأ، وصلّة ركعتين، وقعد ولفَّ ذقنه بيده، ووضعها في فيه، واستسلم لوضع الوَتر في حلقه، وصبر لأمر الله تعالى وقضائه في خلقه، وبشَّ للذي أتاه، وخَنَق، وتلقاه بالرضى من غير حَنَق.
وكان رحمه الله تعالى خبيراً بالأحكام، طويل الروح على المنازعات والخصام، قد دَرِب الأمور وجرّبها، عمّر الوقائع وخرّبها، وباشر الحصارات، ودخل إلى بلاد سيس في الإغارات، ورتّب الجيوش وصفّها، وقدّمها وقت الفرصة وعند الخطر كفَّها، ودخلها مرات يجتلب ما تحويه ويحتلب، ويجعل علِيَها سافلها، والناس قالوا: سيس ما تنقلب.
وكان ألطنبغا رمّاحاً طُبْجيّاً، يرمي النشاب، ويلعب بالرمح، ويضرب الكرة، وتقاد له الفروسية في بُرَة، ولم يرمِ أحد في بيت السلطان جَنْبَه إلى الأرض، ولا جعل طوله إذا صرعه وهو عَرْض.
وكان لا يدَّخر شيئاً، ولا يستظل من الجمع فَيئاً، ولا يعمر له ملكاً،