للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكرك، فأعجبه عقله وتأتّيه، وسيّر إليهم يقول: لا يعود يجيء إليّ رسولاً غَيْرُ هذا، فلما قدم مصر عظَّمه.

ولم يزل مُوقراً مُبجَّلاً، عمّر بالحُسينية جامعاً مليحاً إلى الغاية، وله دار عظمى مليحة عند مشهد الحُسين - رضي الله عنه - داخل القاهرة، ومسجدٌ حَسَنٌ إلى جانبها.

خرّج له شهاب الدين أحمد بن أيبك الدمياطي مَشْيَخة، وقرئت عليه مرّاتٍ وهو جالس في شبّاك النيابة بقلعة الجبل.

ولما تولى الملك الناصر أحمد أخْرَجه إلى نيابة حماة، فحضر إليها وأقام بها إلى أن تولّى الملك الصالح إسماعيل، فأقدمه إلى مصر وأقام بها على حاله الأولى.

ولما أُمسك آقسُنقر السَّلاّري - نائب مصر المقدَّم ذِكره - ولاّه النيابة مكانه، فشدّدَ في الخمر إلى الغاية، وحدّ الناس عليها وجنّاهم، وهَدَم خزانة البُنود، وأراق خُمورها وبناها مَسْجِداً وحَكرها للناس فعمّروها دوراً، وأَمْسَك الزمام زَماناً، وكان يجلسُ للحكم في الشبّاك طولَ نهاره لا يَمَلّ من ذلك ولا يسأم، ويَروح أصحابُ الوظائف ولا يبقى عنده إلا النقباء البطّالة.

وكان له في قلوب الناس مهابةٌ وحُرْمَةٌ، إلى أن تولّى السلطان الملك الكامل شعبان فأخرجه أوّل سلطنته إلى دمشق نائباً عِوَضاً عن الأمير سيف الدين طُقُزْتُمر، فلما كان في أول الطريق حَضَر إليه مَنْ قال له: الشام بلا نائب، فسُق لتلحقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>