ونشأ بدمشق، ودرس بها، وأذن بالإفتاء في رحلة رحلها إلى مصر سنة ست وتسعين الشيخُ تقي الدين بن دقيق العيد، وقاضي القضاة شمس الدين السروجي، وكان قد اشتهر بمعرفة كتاب الهداية وإتقانه، وتحلى منه بقلائده عقيانه، وعُرف بقيام أدلته وبرهانه.
طلب إلى مصر فولاه الملك الناصر محمد بن قلاوون قضاء القضاة الحنفية بعد شمس الدين بن الحريري سنة ثمان وعشرين وسبع مئة، فأقام بمصر حاكماً عشر سنين متوالية، ونجوم سعوده في أفق الكمال متلالية، تنفذ أحكامه في كل أمير ومأمور، وتسري أوامره في العاطل والمعمور.
وكان يكلم السلطان في دسته كلاماً خشناً، وهو يُظهر له احتمالاً حسناً، وصمم عليهم أول ما دخل في الجلوس وما تم له ما أراد، ولم يكن المالكي ممن يعد معه في طراد، ثم إنه خرج هو وقاضي القضاة جلال الدين القزويني إلى الشام معاً،