اللحية كأنها عِذار، أوليقة عنبر دار بها البركار، على حركاته رشاقة، وفي سكناته لباقة، حَسَنَ العمّة يتعمّم الناسُ أنموذجها، وكأنهم يتناولون منها حلوى فالوذجها، إلا أنه - رحمه الله كان غيرَ عفيف الفرج، زائد الهرج والمرج، لم يعفّ عن مليحة ولا قبيحة، ولم يدعْ أحداً يفوته ولو كانت بفرد عينٍ صحيحة، يمسك حتى نساء الفلاّحين، ومن هي من زوجات الملاّحين، واشتهر بذلك ورُمي فيه بأوابد، وأثار الناس عليه من ذلك لبؤاتٍ لوابد.
وكان زائد البذخ، منهمكاً على ما يقتضيه عنفوان الشبيبة والشرخ، كثير الصلف والتيه، لا يُظهر الرحمة ولا الرأفة في تأتّيه.
ولمّا توجه بأولاد السلطان ليفرجهم في دمياط رأيته في كل يوم يذبح لسَماطه خمسين رأس غنم، وفرساً لا بد منه، خارجاً عن الإوز والدجاج. وأخبرني سيف الدين طغاي مملوك الأمير شرف الدين حسين بن جندر، وكان أمير مجلس عنده قال: لنا راتبٌ في كل يوم من الفحم برسم المشوي مبلغ عشرين درهماً خارجاً عن الطوارئ، وأطلق له السلطان في كل بقجة قماش من اللفافة إلى الخف إلى القميص واللباس والملوطة والبغلَطاق والقباء، والقباء الفوقاني بوجه إسكندري على سنجاب طري بطرز زركش رقيق وكلوتة وشاش، ولم يزل يأخذها إلى أن مات السلطان، وأطلق له في يوم واحد ثمن قرية " يبنى " بساحل الرملة مبلغ ألف درهم، وهو أول أمير أمسك بعد وفاة الملك الناصر، وما أغنى المسكين عنه مالُه، وأوبقته في السجن أعماله. وقلتُ أنا فيه: