النيابة بمصر وهو حموه، وألبس الأمير نجم الدين محمود بن شروين تشريف الوزارة، ومشت الأحوال على أحسن ما يكون، وانتظمت الأمور، وحُلف نُواب الشام وعساكره، ولم ينتطح فيها عنزان، ولا جرى خلاف ولا سُل سيف، ولا سُفك دم، ولو ترك القطا ليلاً لنام ولكن لّما أرادوا خلعه رموه بأوابد ودواهي، وادعوا أنه يركب في الليل في المراكب على ظهر النيل، وقالوا أشياء الله أعلم بأمرها.
وكان رحمه الله تعالى شابّاً حُلو الصورةِ أسمر اللون مليح الكون، في قوامه هيف ولين، وحركةٌ داخلة تنتهي إلى تسكين، وهو أفحلُ إخوته أشجعهم، وأقربهم إلى دواء الملك وأنجعه، وكرمه زائد التخرّق في العطاء، والتوسع في كشف الغطاء، حُمل إليه مال بشتاك ومال آقبغا عبد الواحد ومال برسبغا، مّما يقارب أربعة آلاف ألف درهم، ففرقهُ على خواصّ أبيه مثل الحجازي ويلبغا وألطنبغا المارداني وطاجار الدوادار.
وكان والده رحمه الله قد زوّجه ابنة الأمير سيف الدين طقزتمر، ولّما جاء أخوه الناصر أحمد عمل الناس عزاءه ودار في الليل جواريه بالدرادك في شوارع القاهرة، وأبكين الناس ورحمه وتأسفوا على شبابه لأنه خذل وأخذ بغتة وقُتل غضاً طريّاً، ولو تُرك لكان ملكاً سَؤوساً.
كان في عزمه أن يُحيي رسوم جدّه الملك المنصور قلاوون، ويجري الأمور في سياسة الملك على قواعده ويُبطل ما أحدثه أبوه من إقطاعات العربان وإنعاماتهم.