ولي كتابة السر بدمشق بعد القاضي محيي الدين بن فضل الله، لأن القاضي علاء الدين بن الأثير لما انقطع بالفالج في سنة تسع وعشرين وسبع مئة، طلب السلطان القاضي محيي الدين وولده القاضي شهاب الدين والقاضي شرف الدين وولاه كتابة السر بدمشق، وأجلسه قدامه بدار العدل بقلعة الجبل، وقرأ قدامة القصص ووقع عليها في الدست، ورسم له أن يحضر دار العدل في دمشق، وأن يوقع على القصص بين يدي الأمير سيف الدين تنكز، فهو أول كاتب سر جلس في دار العدل، ولم يكن كتاب السر يجلسون قبل ذلك في الخدمة، فباشر ذلك.
وكان إذا توجه مع نائب الشام إلى مصر يحضره السلطان قدامه ويخلع عليه وينعم عليه، وكان يعجبه شكله كثيراً ويقول لألجاي الدوادار: يا ألجاي، هذا شرف الدين كأنه ولد موقعاً. ويروق له شكله وسمته، ويعجبه لباسه.
فلما توجه مع الأمير سيف الدين تنكز سنة اثنتين وثلاثين وسبع مئة ولاه السلطان كتابة سر مصر، وجهز القاضي محيي الدين وأولاده إلى دمشق، وتوجه القاضي شرف الدين مع السلطان إلى الحجاز، ووقع بينه وبين الأمير صلاح الدين الدوادار، وطال النزاع بينهما وكثرت المخاصمات، ودخل الأمير سيف الدين بكتمر الساقي رحمه الله تعالى بينهما وغيره، فما أفاد، فقلق القاضي شرف الدين وطلب العود إلى دمشق ولم يقر له قرار، فأعاده السلطان إلى دمشق، وطلب القاضي محيي الدين وأولاده إلى مصر وأقرهم على ما كانوا عليه. وكانت ولايته كتابة السر بمصر تقدير ثمانية أشهر، ولما عاد فرح به تنكز وقام له وعاتقه وقال له: مرحباً بمن نحبه ويحبنا وأقام بينه وبين حمزة التركماني الآتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف الحاء مكانه، فأوحى إلى تنكز ما أوحاه من المكر الخديعة والافتراء،