وتوجه إلى طرابلس، ولم ير أهل طرابلس منه شيئاً من الخير، سوى أنه كان يجيد اللعب بالطير.
وكان حسن الشباب، وضيء الإهاب، بسط جوره على أهل طرابلس وظلمه، وأعاد أيامهم كأنها ليالي ظلمه، وربما تعرض إلى الحريم، ونزل بروضة فأصبحت كالصريم، ورحل منها جماعة لم يصبروا على هذا المضض، ولا صبروا على هذا المرض، ولم يزل بها وهو يطلب حريمه من القاهرة فما يجاب، ولا يرد جوابه على يد بريدي ولا نجاب.
وتوجه إلى صفد في واقعة أحمد الساقي وحصره في القلعة - على ما تقدم في ترجمة أحمد - وعاد إلى طرابلس، ولم يزل بها إلى أن خرج مع بيبغاروس وأحمد، ووصلوا إلى دمشق في نهار الأربعاء خامس عشري شهر رجب الفرد سنة ثلاث وخمسين وسبع مئة، وأقاموا بها أربعةً وعشرين يوماً على ما تقدم في ترجمة أحمد، وعاث الأمير سيف الدين بكلمش في مرج دمشق وأفسد، ولما هرب بيبغاروس، وعاد إلى حلب عاد بكلمش معه ودخلوا الأبلستين إلى عند ابن دلغادر، وأقاموا عنده، ثم إن أحمد وبكلمش حضرا إلى نواحي مرعش وناوشهما أهل القلاع القتال، ثم لحق بهما ابن دلغادر، ولم يزالا عنده إلى أن أمسكهما ابن دلغادر وجهزهما إلى حلب، فاعتقلهما نائبها الأمير سيف الدين أرغون الكاملي وطالع السلطان الملك الصالح صالحاً بأمرهما، فعاد الجواب على يد الأمير سيف الدين طيدمر أخي الأمير سيف الدين طاز بأن يجهز رأسيهما إلى مصر فحز رأساهما، وجهزا مع المذكور في العشر الأوسط من المحرم سنة أربع وخمسين وسبع مئة، فسبحان الدائم الباقي.