وأسلموه وقفزوا، وتركوه فرداً وتميزوا، فولى مدبراً ولم يعقب، وخرج من مصر نحو الصعيد خائفاً وهو مترقب، إلى أن ضاقت عليه الأرض بما رحبت، واصفرت شمس سعوده وشحبت، فعاد وقد استسلم للطاعه، وبذل في رضى الله جهد الاستطاعه، وكانت أمواله لا تحصى، وأوامره لا تعصى، وله قبل السلطنة إقطاع كبيرة فيه عدة طبلخانات.
وكان أستاذ الدار للملك الناصر محمد بن قلاوون، وكان سلار النائب، فحكما في البلاد وتصرفا في العباد، والسلطان له الاسم لا غير، وكانوا نواب الشام خوشداشيته، وحزبه من البرجية.
ولما توجه السلطان الملك الناصر محمد إلى الحجاز ورد من الطريق إلى الكرك وأقام بها وأظهر لهم أنه ترك الملك، لعب الأمير سيف الدين سلار بالجاشنكير وسلطنه، وتسمى بالمظفر وفوض الخليفة إليه ذلك، وأفتاه جماعة من الفقهاء بذلك منهم الشيخ صدر الدين بن الوكيل، والشيخ شمس الدين بن عدلان، حتى قيل في ذلك:
ومن يكن ابن عدلانٍ مدبّرة ... وابن المرّحل قل لي كيف ينتصر
وكتب عهده عن الخليفة، وركب بخلعة الخلافة السوداء والعمامة المدورة، والتقليد على رأس الوزير ضياء الدين النشائي، وناب له سلار، واستوسق له الأمر، وأطاعه أهل الشام ومصر، وحلفوا له في شوال سنة ثمان وسبع مئة، ولم يزل إلى وسط سنة تسع، حصل للأمير سيف الدين نغاي وجماعة من الخواص نحو المئة،