وأذكرني عهد الشباب ولم أكن ... لأنسى ليالي عصره المتصرّم
نظام فتىً عار من الغار يرتدي ... بثوبٍ بفضل العلم والحلم معلم
مناي من الأيام رؤية وجهه ... وأحسن وجهٍ في الورى وجه منعم
وما كلّ هاوٍ للجميل بفاعلٍ ... ولا كلّ فعّال له بمتمّم
غدا شرفي منه على كلّ حالة ... ولكن إذا كاتبته كان مفحمي
إذا ساق نحوي العرف غير مكدّر ... أسّوق إليه الحمد غير مذمم
أيا شرف الدين الذي سار ذكره ... وما هو عنه بالحديث المرجّم
لقد سقت أخبار البغاة وبيبغا ... سياق بليغٍ لم يكن بمجمجم
وما كان هذا بيبغا قدر ما ابتغى ... ولو نال أسباب السماء بسلّم
لقد كان في أمن وعزّ ونعمة ... ولكنّه عن علم ما في غد عمي
فأضمر عدواناً وبغياً ولم يكن ... ليخفى ومهما يكتم الله يعلم
وبات ونار الحقد تضرم صدره ... ولم يطفها غير الخميس العرمرم
وراح يناجي من وساوس قلبه ... ضعيف المساعي أو قليل التكرّم
وما ظنّ خيراً بالذي كان محسناً ... إليه ومن يفعل كذلك يندم
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ... وصدّق ما يعتاده من توهم
وعادى محبّيه لقول عداته ... وأصبح في ليل من الشكّ مظلم
وجاء دمشقاً في عساكر كلّهم ... تفانوا ودقّوا بينهم عطر منشم
إلا إنّ هذا الأمر عقبى الذي جرى ... وآخره يفضي لنار جهنم
وقدم هو قبل قصيدته نثراً يتعلق بأمر بيبغا وجماعته، وأردفت أنا قصيدتي بنثر أيضاً يتعلق بالمذكورين وكلاهما أثبته في الجزء الرابع والثلاثين من التذكرة التي لي، ونظمت أنا عدة مقاطيع لما خرجا من دمشق فارين من بيبغا.