وكان ساكناً وادعاً عاقلاً قليل الكلام جداً، وكنت يوماً عند الصاحب أمين الدين أمين الملك، فجرى ذكره، فأثنيت عليه، وقلت: ما يكون مثله في سكونه وعدم شره، فقال: إلا أنني مع هذا كله ما أقدر أعمل إلا ما يريده، ولم يزل على ذلك، في أتم حال، ثابت القدم مع تقلب الملوك والنواب، لا يختل عليه نظام، إلى أن كانت واقعة الأمير علاء الدين أمير علي نائب دمشق، في سنة ستين وسبع مئة، وتوجهه إلى باب السلطان وتجهيزه من الطريق إلى نيابة صفد، وكان القائم بذلك الأمير سيف الدين بيدمر الخوارزمي أمير حاجب، فنقل الأمير سيف الدين تمر المهمندار، وجعل أمير مئة مقدم ألف، ولم يؤثر ذلك.
ولم يزل على حاله إلى أن رسم له بنيابة غزة فتوجه إليها، وأقام بها نائباً قريباً من نصف سنة، ثم رسم له بنيابة بإمرة الحجبة فحضر إليها، ولبس تشريفه في يوم الاثنين خامس عشري شهر رجب سنة اثنتين وستين وسبع مئة، وخدم، وسلمت العصا إليه.
ولم يزل كذلك حتى أخرجه الأمير بيدمر نائب الشام إلى غزة صحبة من خرج من عسكر دمشق في واقعة بيدمر وخروجه، فتوجه وهرب الأمير منجك، وجرى ما جرى وحضر السلطان الملك المنصور محمد بن حاجي، فأنكر على المهمندار موافقته لبيدمر على ذلك وطواعيته له، وأمسك من أمسك من الأمراء، وقطع خبز المهمندار، وخرجت وظيفته للأمير سيف الدين قماري الحموي.
وكان المهمندار ضعيفاً فاستمر مريضاً، إلى أن توفي يوم السبت ثامن عشر شوال سنة اثنتين وستين وسبع مئة ولعله قارب الثمانين رحمه الله تعالى، وبالجملة ما رأى خيراً منه مذ فارق المهمندار.