مئة. وكان وصوله إلى دمشق يوم الثلاثاء حادي عشر القعدة سنة ثلاث وسبع مئة، وكان مقامه بالقرب من آمد، فأكرمه وأمره، ولم يزل عنده معظماً مبجلاً.
وكان في آخر وقت، بعد خروج الأمير سيف الدين أرغون من الديار المصرية، يجهز إليه الذهب مع الأمير سيف الدين بكتمر الساقي ومع غيره، ويقول له: لا تبوس الأرض على هذا ولا تنزله في ديوانك، كأنه يريد إخفاء ذلك.
وكان يجلس أولاً في الميمنة ثاني نائب الكرك، فلما توجه نائب الكرك لنيابة طرابلس، جلس الأمير بدر الدين رأس الميمنة. وكان السلطان الملك الناصر محمد قد زوج ابنه إبراهيم بابنة الأمير بدر الدين، وما زال معظماً في كل دولة.
وكتب له في ألقابه عن السلطان الملك الصالح إسماعيل: الأتابكي الوالدي البدري. وكانت له في الدولة الصالحية وجاهة زائدة لم تكن لغيره. لأنه هو الذي أخذ السلطان وأجلسه على الكرسي، وحلف له، وحلف الناس له.
وكان ينفع العلماء والصلحاء والفقراء وأهل الخير وغيرهم. وكنت أتردد إليه وآخذ منه إحساناً كثيراً رحمه الله تعالى.
وقلت محبةً فيه، ولم أكتب بها إليه:
محيّا حبيبي إذا ما بدا ... يقول له البدر يا مخجلي
بلغت الكمال ولي مدّة ... أدور عليه وما تمّ لي
فبالله قل لي ولا تخفني ... سرقت المحاسن من جنكلي؟!