أخبرني جماعة من أهل الرحبة أنه لما نزل خربندا عليها، ونصب المجانيق رمى منجنيق قراسنقر حجراً تعتع القلعة، وشق منها برجاً، ولو رمى غيره هدمها إلى الأرض.
وكان جوبان يطوف على العساكر، ويرتب المحاصرين، فلما رأى ذلك أحضر المنجنيقي، وقال له: أتريدني أقطع يدك الساعة، وذمه وسبه بانزعاج وحنق، وقال: والك، في شهر رمضان نحاصر المسلمين ونرميهم بحجارة المنجنيق؟ لو أراد القان أن يقول لهؤلاء المغول الذين معه: ارموا على هذه القلعة مخلاة تراب كل واحد كان طموها، وإنما هو يريد أخذها بالأمان من غير سفك دم، والله متى عدت رميت حجراً آخر سمرتك على سهم المنجنيق.
وحكى لي منهم غير واحد أنه كان ينزع النصل من النشاب ويكتب عليه: إياكم أن تذعنوا أو تسلموا وطولوا أرواحكم فهؤلاء ما لهم ما يأكلونه، وكان يحذرنا هكذا بعدة سهام يرميها إلى القلعة، واجتمع الوزير، وقال له: هذا القان ما يبالي ولا يقع عليه عتب، وفي غد وبعده إذا تحدث الناس أيش يقولون! نزل خربندا على الرحبة، وقاتل أهلها، وسفك دماءهم، وهدمها في شهر رمضان. فيقول الناس: أفما كان له نائب مسلم ولا وزير مسلم، وقرر معه أن يحدثا القان خربندا في ذلك، ويحسنا له الرحيل عن الرحبة. فدخلا إليه، وقالا: المصلحة أن نطلب كبار هؤلاء وقاضيهم، ويطلبوا منك الأمان، ونخلع عليهم ونرحل عنهم بحرمتنا، فإن الطابق قد وقع في خيلنا، وما للمغل ما تأكل خيولهم، وإنما هم يأخذون قشور الشجر