ولما كان يوم الثلاثاء رابع عشر الشهر المذكور، عقدوا أمرهم على أن يولوا أخاه ناصر الدين حسن ابن الملك الناصر محمد، فأجلسوه على كرسي الملك وحلفوا له، وسموه بالملك الناصر، وجهزوا إلى الشام، وحلفوا له العساكر؛ فسبحان من لا يحول ولا يزول.
وقلت أنا في ذلك، وفيه لزوم الفاء المشددة:
خان الرّدى للمظفّر ... وفي الثرى قد تعفّر
كم قد أباد أميراً ... على المعالي توفّر
وقاتل النفس ظلماً ... ذنوبه ما تكفّر
وقيل: إن أحد الأسباب في قتلته أن الأمير سيف الدين الجيبغا الخاصكي، أتى إليه يوماً، فوجده فوق سطح يلعب بالحمام، فلما أحس به نزل فقال: من هذا؟ قالوا له: ألجيبغا؛ فطلبه فصعد إليه، وكانت الوحشة قد ثارت، فقال له: ما يقول الناس؟! قال: خير، فألح عليه، فقال له: يا خوند. أنت تدبر الملك برأي الخدام والنساء، وتلعب بهذا الحمام، فاغتاظ منه وقال: ما بقيت ألعبها، ثم إنه أخذ منها طائرين، وذبحهما، ولما رآهما مذبوحين، طار عقله، وقال: والله لا بد ما أحز رأسك هكذا، فتركه ومضى، فنزل المظفر وقال لخواصه: يا صبيان، متى دخل إلي هذا بضعوه بالسيوف، فسمع ذلك بعض الجمدارية، فخرج إلى الجيبغا، وقال له: لا تعد تدخل إليه، وعرفه الصورة، فخرج وعمل على مقتضى ذلك، وضاع ملكه وروحه منه لأجل الحمام.