منها نسيم الصبا، وتثني عليها النفحاتُ من زهر الربا، ومفاكهةٍ ألذ من مسامرةً الحبيبِ، وأشهى من التشفي بأذى الحسود والرقيب.
وكان يستحضر كثيراً من شعر المتأخرين، وتراجم أهل الآداب والصلاح من المعاصرين، وله نظم يروق ونثر يفوق.
ولم يزل يتولى ويعزل من كتابة السر، ويفعل ما تصل إليه مقدرته من البر، إلى أن حل به الحين، واتخذ له من باطن الأرض أين.
وتوفي رحمه الله تعالى في يوم عرفة سنة ستين وسبع مئة.
ومولده سنة ست وسبعين وست مئة في شعبان.
وكان قد توجه مع والده إلى الديار المصرية، وباشر هناك كتابة الإنشاء، وسمع من الأبرقوهي وغيره في ذلك العصر، وكان القاضي علاء الدين بن الأثير يألف به ويأنس ويركن إليه، ولما عزل القاضي عمادُ الدين بن القيسراني من كتابة سر حلب: جهز القاضي جمال الدين إليها، فأقام بحلبَ قريباً من ست عشرة سنة، وعزله الملك الناصر محمد بن قلاوون بتاج الدين ابن زين.
حضر في واقعة لؤلؤ مع الحلبيين سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة، وطلب إلى القاهرة، ورسم عليه في دار الوزارة مُدة مديدة، ثم أفرج عنه.