وكتبت إلى ولده كمال الدين محمد وإلى غيره من الأصحاب مراثي كثيرة نظماً ونثراً، ثم جمعت ذلك وسميته ساجعات الغصن الرطيب في مراثي نجم الدين الخطيب. ومما نظمته فيه قولي:
يا ذاهباً عظمت فيه مصيباتي ... بأسهمٍ رشقت قلبي مصيبات
قد كنت نجماً بأفق الفضل ثمّ هوى ... فاستوحشت منه آفاق السّموات
سبقت من بات يرجو قرب خالقه ... ولم تزل قبلها سبّاق غايات
بكى الغمام بدمع الودق مذ عقدت ... حمائم البان من شجوي مناحات
ولطّم الرّعد خدّ السّحب وانتشرت ... ذوائب البرق حمراً في الدّجنّات
أصمّ نعيك سمعي من تحقّقه ... وهان ما للّيالي من ملمّات
جنحت فيه إلى تكذيب قائله ... تعلّلاً بالأماني المستحيلات
وكدت أقضي ويا ليت الحمام قضى ... حسبي بأن الأماني في المنيّات
وراح دمعي يجاري فيك نطق فمي ... فالشان في عبراتي والعبارات
إن أبدت الورق في أفنانها خطباً ... فكم لوجدي وحزني من مقامات
جرحت قلبي فأجريت الدموع دماً ... ففيض دمعي من تلك الجراحات
لو كنت تفدى رددنا عنك كلّ أذىً ... بأنفسٍ قد بذلناها نفيسات
فآه من أكؤسٍ جرّعتها غصصاً ... وقد تركت لنا فيها فضالات
نسيت إلاّ مساعيك التي بهرت ... عين المعالي بأنوارٍ سنيّات
ومكرماتٍ متى تتلى مدائحها ... تعطّر الكون من ريّا الرّوايات
وفضل حلم تخف الراسيات له ... وعز علم علا السبع المنيرات