وتوفي رحمه الله تعالى، وحنا السلطان عليه حنواً كثيراً، وأعطى مماليكه الإقطاعات في الحلقة ورتب لهم الرواتب وأمر بعض أقاربه، ورتب الرواتب لبناته وزوجته وأقاربه وبعض غلمانه وأباح طيوره بحضوره، وهذا لم يتفق لغيره.
وهو الذي بنى القنطرة على الخليج وإلى جانبها الجامع الذي له في حكر جوهر النوبي، ولما فرغ أحضر إليه المشد والكاتب حساب ذلك، وقال: هذا حساب هذه العمارة، فرمى به في الخليج، وقال: أنا خرجت عن هذا لله تعالى، فإن خنتما فعليكما، وإن وفيتما فلكما. يقال: إنه غرم على ذلك فوق المئتي ألف درهم، وكان - رحمه الله تعالى - على الدرهم والدينار من يده شحيحاً، وأما من خلفه فما كان يقف في شيء، وكان الفرس والقباء عنده هين الأمر، يطلق ذلك كثيراً.
وكان خفيف الروح دائم البشر، لطيف العبارة، كثير التنديب الداخل، وكانت في عبارته عجمة، لكنه إذ قال الحكاية أو ندب أو ندر يظهر لكلامه حلاوة في السمع والقلب. قال الشيخ فتح الدين بن سيد الناس رحمه الله تعالى: نحن إذا حكينا ما يقوله هو ما يكون لذلك حلاوة كلامه من فيه.
وكان ظريفاً إلى الغاية في شمائله وحركاته، وكان فيه الخير والصدقة، ولكنه كان يستحيل في الآخر بعد إقباله.
وكان يجلس في مصر رأس الميمنة من أسفل، ولما حضر توتاش جلس مكانه، وكان هو يجلس في الميسرة بعد ذلك إلى أن مات.