الفرس، فصار يحفظ من ذلك في النهار ويورده عنده في الليل، وتكرر منه ذكر رستم في تلك الحكايات، وكان يسميه رستم، ثم إنه أخذ في الحط على ناصر الدين محمد بن كوندك دواداره، وهو ما هو عنده من التمكن والمحبة وعلو المكانة، ويذكر جماعته الذين في خدمته، وقرر عندهم أموراً وهم غافلون عنها، إلى أن تحقق بعض ما أوحاه إليه، فعظم ذلك عنده وتمكن حمزة. ولم يزل إلى أن عقر الدوادار، وعمل على قتل علي بن مقلد حاجب العرب، وأبعد الدوادار.
وانتقل منه إلى القاضي شرف الدين أبي بكر بن الشهاب محمود كاتب السر وكان عنده جزءاً لا يتجزأ، وعلى علاء الدين بن القلانسي ناظر ديوانه، وعلى قاضي القضاة جمال الدين بن جمله، وعقر جماعة من البريدية وغيرهم، وتقدم، وصار في رتبة ناصر الدين الدوادار، وصار يروح إلى مصر في البريد ويجيء، ويتحمل المشافهات من السلطان إلى تنكز ومن تنكز إلى السلطان.
وعمل بعد ذلك على جماعة من مماليك تنكز وخواصه الأقدمين، وأبعدهم ونفاهم، ولم يبق عنده أحد في مرتبته، وتمرد وتجبر، وطغى وتكبر، وظلم وبالغ في العسف والجور، وعمر حماماً عند القنوات وشيده وزخرفه، فكثرت الشكاوى عليه في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وسبع مئة. فتنمر له الأمير سيف الدين تنكز وسجنه وعذبه، ورماه بالبندق الرصاص وهو واقف قدامه عريان، لأنه هو كان يشير عليه بذلك، فذكر هذه العقوبة ولم يستعملها إلا في حقه حتى تورم، وعمل النساء قماشاً لبسنه في ذلك العصر وسمينه بندق حمزة، وما رق له أحد من سوء ما عامل به الناس.