للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ الإِيمَانِ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ وَالإِيمَانِ بِحِكْمَتِهِ، فَيَخْتَبِرَ مَا فِي قَلْبِ العَبْدِ بِمَا يُقَدِّرُهُ عَلَيهِ مِنَ الأُمُورِ المَكْرُوهَةِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مَنْ اسْتَسْلَمَ لِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ وَحِكْمَتِهِ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ.

- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ﴾ أَي: إِذَا حَصَلَ الابْتِلَاءُ فَقُوبِلَ بِالصَّبْرِ صَارَ فِي ذَلِكَ تَمْحِيصٌ لِمَا فِي القَلْبِ، أَي: تَطْهِيرٌ لَهُ وَإِزَالَةٌ لِمَا يَكُونُ قَدْ عَلقَ بِهِ مِنْ بَعْضِ الأُمُورِ الَّتِي لَا تَنْبَغِي.

وَقَدْ حَصَلَ الابْتِلَاءُ وَالتَّمْحِيصُ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا نَدَبَهُم الرَّسُولُ لِلخُرُوجِ حِينَ قِيلَ لَهُ: ﴿إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ﴾ [آل عِمْرَان: ١٧٢] خَرَجُوا إِلَى (حَمْرَاءَ الأَسَدِ) وَلَمْ يَجِدُوا غَزْوًا فَرَجَعُوا، ﴿فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ﴾ [آل عِمْرَان: ١٧٤].

- (ابْنُ القَيِّمِ): هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ بْنِ سَعْدٍ الزَّرْعِيُّ؛ الدِّمَشْقِيُّ؛ أَبْو عَبْدِ اللهِ؛ شَمْسُ الدِّينِ؛ مِنْ أَرْكَانِ الإِصْلَاحِ الإِسْلَامِيِّ؛ وَأَحَدُ كِبَارِ العُلَمَاءِ، تَتَلْمَذَ عَلَى شَيخِ الإِسْلَامِ ابْنِ تَيمِيَّةَ حَتَّى كَانَ لَا يَخْرُجُ عَنْ شَيءٍ مِنْ أَقْوَالِهِ، بَلْ يَنْتَصِرُ لَهُ فِي جَمِيعِ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ، وَسُجِنَ مَعَهُ فِي قَلْعَةِ دِمَشْقَ، وَأُهِينَ وَعُذِّبَ بِسَبَبِهِ، وَكَانَ حَسَنَ الخُلُقِ مَحْبُوبًا عِنْدَ النَّاسِ، (ت ٧٥١) (١).

- قَولُهُ: "فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيمَةٍ وَإِلَّا فَإِنِّي لَا إِخَالُكَ" البَيتُ مَنْسُوبٌ لِلْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ التَّمِيمِيِّ؛ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ (٢).


(١) الأَعْلَامُ لِلزِّرِكْلِيِّ (٦/ ٥٦).
(٢) البَيَانُ وَالتَّبِيينُ (١/ ٢٩٣) لِلْجَاحِظِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>