للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فَائِدَة ٢: قُلْتُ: القَدَرُ أَصْلًا الكَلَامُ فِيهِ بِغَيرِ مَا أَثْبَتَهُ الشَّرْعُ هُوَ مَوضُعِ امْتِحَانٍ، وَذَلِكَ لِحَدِيثِ: ((إِذَا ذُكِرَ القَدَرُ فأمْسِكُوا))، وَلِحَدِيثِ الإِيمَانِ بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ، وَلِحَدِيثِ: ((القَدَرِيَّةُ مَجُوسُ هَذِهِ الأُمَّةِ)) (١)، وَلِحَدِيثِ اسْتِشْكَالِ الأَعْرَابِيِّ بِقَولِهِ: (فَفِيمَ العَمَلُ؟!) (٢).

فَكُلُّ ذَلِكَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ القَدَرَ أَصْلُ عَرْضِهِ مُشْكِلٌ لِلبَشَرِ فِي عُقُولِهِم، لِذَلِكَ كَانَ المَطْلُوبُ هُوَ التَّسْلِيمُ بِهِ وُفْقَ مَا دَلَّتْ عَلَيهِ الشَّرِيعَةُ.

- فَائِدَة ٣: لَقَدْ جَاءَ الإِرْشَادُ النَّبَوُيُّ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالقَدَرِ عَلَى عِدَّةِ جَوَانِبَ مَأْمُورٍ بِهَا، وَهِيَ وَاجِبُنَا فِي مَسَائِلِ القَدَرِ:

١ - الأَمْرُ بِإِثْبَاتِ القَدَرِ؛ خَيرِهِ وَشَرِّهِ.

٢ - عَدَمُ التَّعَمُّقِ فِيهِ، وَتَرْكُ الخَوضَ فِيمَا لَا يَشْهَدُ لَهُ النَّصُّ (٣).


(١) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٤٦٩١) عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٤٤٤٢).
(٢) وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (٢٦٤٨) عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ بْنِ جُعْشُمٍ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ بَيِّنْ لَنَا دِينَنَا كَأَنَّا خُلِقْنَا الآنَ، فِيمَ العَمَلُ اليَومَ؟ أَفِيمَا جَفَّتْ بِهِ الأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ المَقَادِيرُ أَمْ فِيمَا نَسْتَقْبِلُ؟ قَالَ: ((لَا؛ بَلْ فِيمَا جَفَّتْ بِهِ الأَقْلَامُ وَجَرَتْ بِهِ المَقَادِيرُ)). قَالَ: فَفِيمَ العَمَلُ؟! قَالَ: ((اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ)).
(٣) وَفِي الحَدِيثِ: خَرَجَ عَلَينَا رَسُولُ اللهِ -وَنَحْنُ نَتَنَازَعُ فِي القَدَرِ- فَغَضِبَ حَتَّى احْمَرَّ وَجْهُهُ؛ حَتَّى كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْنَتَيهِ الرُّمَّانُ! فَقَالَ: ((أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ؟! أَمْ بِهَذَا أُرْسِلْتُ إِلَيكُمْ؟! إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حِينَ تَنَازَعُوا فِي هَذَا الأَمْرِ، عَزَمْتُ عَلَيكُمْ أَلاَّ تَتَنَازَعُوا فِيهِ)). حَسَنٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢١٣٣) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ التِّرْمِذِيِّ (٢١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>