للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَزِيدُ هَذَا بَيَانًا مَعْرِفَةُ أَنَّ إِرَادَةَ اللهِ تَعَالَى نَوعَانِ؛ شَرْعِيَّةٌ وَكَونِيَّةٌ؛ وَالفَرْقُ بَينَهُمَا:

أ- مِنْ حَيثُ المَحَبَّةِ؛ الشَّرْعيَّةُ تَتَعَلَّقُ بِمَا يُحِبُّهُ اللهُ، وَأَمَّا الكَونِيَّةُ فَقَدْ يُحِبُّهَا اللهُ وَقَدْ لَا يُحِبُّهَا.

ب- مِنْ حَيثُ الوُقُوعِ؛ الشَّرْعِيَّةُ قَدْ تَقَعُ وَقَدْ لَا تَقَعُ، بِخِلَافِ الكَونِيَّةِ فَهِيَ وَاقِعَةٌ لَا مَحَالَةَ، وَكِلَا النَّوعَينِ مَقُرُونٌ بِالحِكْمَةِ.

وَمِثَالُ الكَونِيَّةِ قَولُهُ تَعَالَى: ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ [البُرُوج: ١٦)، وَالإِرَادَةُ الكَونِيَّةُ هِيَ نَفْسُهَا المَشِيئَةُ؛ فَمَا شَاءَ اللهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشأْ لَمْ يَكُنْ.

وَمِثَالُ الشَّرْعِيَّةِ: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيكُمْ﴾ [النِّسَاء: ٢٧]


=
سُبْحَانَ مَنْ تَنَزَّهَ عَنِ الفَحْشَاءِ. فَقَالَ السُّنِّيُّ: سُبْحَانَ مَنْ لَا يَقَعُ فِي مُلْكِهِ إِلَّا مَا يَشَاءُ. فَقَالَ المُعْتَزِلِيُّ: أَيَشَاءُ رَبُّنَا أَنْ يُعْصَى؟! فَقَالَ السُّنِّيُّ: أَفَيُعْصَى رَبُّنَا قَهْرًا؟! فَقَالَ المُعْتَزِلِيُّ: أَرَأَيتَ إِنْ مَنَعَنِي الهُدَى وَقَضَى عَلَيَّ بِالرَّدَى؛ أَحْسَنَ إِلَيَّ أَو أَسَاءَ؟ فَقَالَ السُّنِّيُّ: إِنْ كَانَ مَنَعَكَ مَا هُوَ لَكَ؛ فَقَدْ أَسَاءَ، وَإِنْ كَانَ مَنَعَكَ مَا هُوَ لَهُ؛ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ. فَانْقَطَعَ". فَتْحُ البَارِي (١٣/ ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>