للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: فَفِيمَ العَمَلُ؟ قَالَ: ((اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ)) (١)، فَعَمَلُ العَبْدِ هُوَ الشَّاهِدُ لَهُ وَهُوَ الدَّلِيلُ عَلَيهِ (٢).

وَفي الصَّحِيحَينِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: ((مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، وَمَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلَّا قَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَو سَعِيدَةً) قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ العَمَلَ؛ فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ؟ قَالَ: ((أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاءِ)) ثُمَّ قَرَأَ: ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى﴾ الآيَةَ [اللَّيل: ٥ - ٧] (٣).

فَتَأَمَّلْ رَحِمَكَ اللهُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ -كَمَا فِي الآيَةِ الكَرِيمَةِ- أَنَّ مَنْ بَادَرَ بِالطَّاعَةِ وَالتَّصْدِيقِ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى سَيُيَسِّرُهُ لِلحُسْنَى الَّتِي هِيَ الجَنَّةُ، والعَكْسُ بِالعَكْسِ (٤).

قَالَ ابْنُ بَطَّال فِي شَرْحِ البُخَاريِّ: "وَقَولُهُ: ((اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ


(١) مُسْلِمٌ (٢٥٤٨).
(٢) وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ (٣٣٧) فِي آخِرِ الحَدِيثِ: قَالَ سُرَاقَةُ: (فَلَا أَكُونُ أَبَدًا أَشَدَّ اجْتِهَادًا فِي الْعَمَلِ مِنِّي الْآنَ). التَّعْلِيقَاتُ الحِسَانُ (٣٣٨).
(٣) البُخَارِيُّ (١٣٦٢)، وَمُسْلِمٌ (٢٦٤٧).
(٤) وَقَدْ سَأَلَ أَحَدُ إِخْوَانِنَا الشَّيخَ حَمْدِي بْنَ عَبْدِ المَجِيدِ السَّلَفِيَّ حَفِظَهُ اللهُ عَنْ أَحَدِ مَشَايخِ السُّوءِ الَّذِي ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا -مِنْ أَكَابِرِ مُجْرِمِيهَا- أَنهُّ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ!! فَأَجَابَ الشَّيخُ الفَاضِلُ بِقَولِهِ: "صَحِيحٌ أَنِّي لَا أَعْرِفُ عَنْ فُلَانٍ -مِثْلَ مَا يَقُولُ ذَلِكَ الشَّيخُ- أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ! وَلَكِنِّي أَعْرِفُ صِفَاتِ كُلِّ أَهْلِ الجَنَّةِ؛ وَلَيسِ فَرْدًا وَاحِدًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>