للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعِيشَتِي مِنْ صَنْعَةِ يَدِي، وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ! فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَّا مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ((مَنْ صَوَّرَ صُورَةً؛ فَإِنَّ اللهَ مُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا)) فَرَبَا الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ. فَقَالَ: وَيحَكَ! إِنْ أَبَيتَ إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ؛ فَعَلَيكَ بِهَذَا الشَّجَرِ؛ كُلِّ شَيءٍ لَيسَ فِيهِ رُوحٌ (١).

فَفِيهِ دَلِيلٌ أَيضًا عَلَى تَحْرِيمِ بَيعِ صُوَرِ ذَوَاتِ الرُّوحِ عُمُومًا.

قَالَ البُخَارِيُّ -فِي تَبْوِيبِهِ عَلَى الحَدِيثِ السَّابِقِ-: "بَابُ بَيعِ التَّصَاوِيرِ الَّتِي لَيسَ فِيهَا رُوحٌ، وَمَا يُكْرَهُ مِنْ ذَلِكَ" (٢).

- فَائِدَة ٨: تَأَمَّلْ كَيفَ أَنَّ رَسُولَنَا الكَرِيمَ لَا تَجِدُ لَهُ صُورَةً وَاحِدَةً لَا مَرْسُومَةً عَلى وَرَقٍ! وَلَا مَنْقُوشَةً عَلَى حَائِطٍ! وَلَا مَنْحُوتَةً مِنْ حَجَرٍ! بَلْ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ ! بَلْ وَلَا عَنِ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ! وَلَكِنَّكَ تَجِدُ رُسُومًا وَنُقُوشًا لِلفَرَاعِنَةِ وَغَيرِهِم وَهُمْ قَبْلَهُم بِآلَافِ السَّنَوَاتِ! إِلَّا أَنَّ جَوَابَ ذَلِكَ هُوَ بِسَبَبِ الإِسْلَامِ وَمَا هُوَ مَعْلُومٌ قَطْعًا مِنْ حُكْمِ الإِسْلَامِ فِي التَّصْوِيرِ، وَمَعْرِفَةِ مَا كَانَتْ عَلَيهِ الأُمَمُ المَاضِيَةُ مِنَ الشِّرْكِ بِسَبَبِ التَّصْوِيرِ.

- فَائِدَة ٩: فِي البُخَارِيِّ عَنْ أَبي طَلْحَةَ مَرْفُوعًا: ((إِنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيتًا فِيهِ صُورَةٌ)) (٣)، وَلَكِنَّ المَلَائِكَةَ الَّتِي لَا تَدْخُلُ إِنَّمَا هِيَ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَالتَّبْرِيكِ وَلَيسَتِ


(١) البُخَارِيُّ (٢٢٢٥)، وَمُسْلِمٌ (٢١١٠).
(٢) البُخَارِيُّ (٣/ ٨٢).
(٣) البُخَارِيُّ (٥٩٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>