للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَلَائِكَةَ الحَفَظَةَ! وَأَيضًا إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَحْرُمُ مِنَ الاقْتِنَاءِ لَا لِمَا اسْتُثْنِيَ.

قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ : "وَأَمَّا هَؤُلَاءِ المَلَائِكَةُ الَّذِينَ لَا يَدْخُلُونَ بَيتًا فِيهِ كَلْبٌ أَو صُورَةٌ؛ فَهُمْ مَلَائِكَةٌ يَطُوفُونَ بِالرَّحْمَةِ وَالتَّبْرِيكِ وَالِاسْتِغْفَارِ، وَأَمَّا الحَفَظَةُ فَيَدْخُلُونَ فِي كُلّ بَيتٍ، وَلَا يُفَارِقُونَ بَنِي آدَمَ فِي كُلِّ حَالٍ، لِأَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ بِإِحْصَاءِ أَعْمَالِهِمْ وَكِتَابَتهَا.

قَالَ الخَطَّابِيُّ: وَإِنَّمَا لَا تَدْخُلُ المَلَائِكَةُ بَيتًا فِيهِ كَلْبٌ أَو صُورَةٌ مِمَّا يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ مِنَ الكِلَابِ وَالصُّوَرِ، فَأَمَّا مَا لَيسَ بِحِرَامٍ مِنْ كَلْبِ الصَّيدِ وَالزَّرْعِ وَالمَاشِيَةِ وَالصُورَةِ الَّتِي تُمْتَهَنُ فِي البِسَاطِ وَالوِسَادَةِ وَغَيرِهِمَا؛ فَلَا يَمْتَنِع دُخُولُ المَلَائِكَةِ بِسَبَبِهِ (١).

وَأَشَارَ القَاضِي إِلَى نَحْوِ مَا قَالَهُ الخَطَّابِيُّ، وَالأَظْهَر أَنَّهُ عَامٌّ فِي كُلِّ كَلْبٍ، وَكُلِّ صُورَةٍ، وَأَنَّهُمْ يَمْتَنِعُونَ مِنَ الجَمِيعِ لِإِطْلَاقِ الأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّ الجِرْوَ الَّذِي كَانَ فِي بَيتِ النَّبِيِّ تَحْتَ السَّرِيرِ كَانَ لَهُ فِيهِ عُذْرٌ ظَاهِرٌ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَم بِهِ، وَمَعَ هَذَا امْتَنَعَ جِبْرِيلُ مِنْ دُخُولِ البَيتِ وَعَلَّلَ بِالجِرْوِ! فَلَو كَانَ العُذْرُ فِي وُجُودِ الصُورَةِ وَالكَلْبِ لَا يَمْنَعهُمْ لَمْ يَمْتَنِعْ جِبْرِيلُ. وَالله أَعْلَمُ" (٢).

قُلْتُ: وَكَمَا فِي الحَدِيثِ: ((إِنَّ للهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الأَرْضِ فُضُلًا عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ؛ فَإِذَا وَجَدُوا قَومًا يَذْكُرُونَ اللهَ تَنَادَوا: هَلُمُّوا إِلَى بُغْيَتِكُمْ، فَيَجِيئُونَ، فَيَحُفُّونَ بِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا)) (٣).


(١) وَسَيَأْتِي مَعَنَا قَرِيبًا فِي المُلْحَقِ التَّالِي مَسْأَلَةٌ فِي حُكْمِ الصُّوَرِ المُمْتَهَنَةِ.
(٢) شَرْحُ مُسْلِمٍ (١٤/ ٨٤).
(٣) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٧٤٢٤)، وَالتِّرْمِذِيُّ (٣٦٠٠) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٣٥٤٠)، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَينِ أَيضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>