قَالَ الخَطَّابِيُّ: فِي هَذَا الحَدِيثِ أَنَّ اللَّعِبَ بِالبَنَاتِ لَيسَ كَالتَّلَهِّي بِسَائِرِ الصُّوَرِ الَّتِي جَاءَ فِيهَا الوَعِيدُ، وَإِنَّمَا أَرْخَصَ لِعَائِشَةَ فِيهَا لِأَنَّهَا إِذْ ذَاكَ كَانَتْ غَيرَ بَالِغٍ.قُلْتُ: وَفِي الجَزْمِ بِهِ نَظَرٌ، لَكِنَّهُ مُحْتَمَلٌ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ فِي غَزْوَةِ خَيبَرَ بِنْتَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً -إِمَّا أَكْمَلَتْهَا أَو جَاوَزَتْهَا أَو قَارَبَتْهَا-، وَأَمَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَكَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ قَطْعًا؛ فَيَتَرَجَّحُ رِوَايَةُ مَنْ قَالَ فِي خَيبَرَ، وَيُجْمَعُ بِمَا قَالَ الخَطَّابِيُّ لِأَنَّ ذَلِكَ أَولَى مِنَ التَّعَارُض".(١) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٢٨٤٩).(٢) وَقَدْ ذهَبَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ اسْتِعْمَالَهَا كَانَ مِنْ بَابِ الامْتِهَانِ، وَهَذَا بَعِيدٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الكُفَّارَ مَا وَضَعُوا صُوَرَ مُلُوكِهِم عَلَيهَا إِلَّا لِلتَّعْظِيمِ وَالتَّخْلِيدِ لِذِكْرَاهُم.قَالَ الحَافِظُ الهَيتَمِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ (تُحْفَةُ المُحْتَاجِ فِي شَرْحِ المِنْهَاجِ) -مِنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ- (٧/ ٤٣٣): "لَا يُؤَثِّرُ حَمْلُ النَّقْدِ الَّذِي عَلَيهِ صُورَةٌ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ لِلْحَاجَةِ، وَلِأَنَّهَا مُمْتَهَنَةٌ بِالمُعَامَلَةِ بِهَا، وَلِأَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِهَا مِنْ غَيرِ نَكِيرٍ، وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ عَادَةً حَمْلُهمْ لَهَا، وَأَمَّا الدَّرَاهِمُ الإِسْلَامِيَّةُ فَلَمْ تَحْدُثْ إِلَّا فِي زَمَنِ عَبْدِ المَلِكِ، وَكَانَ مَكْتُوبًا عَلَيهَا اسْمُ اللهِ وَاسْمُ رَسُولِهِ ﷺ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute