للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدِ الأَعْلَى؛ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: للهِ تَعَالَى أَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ لَا يَسَعُ أَحَدًا -قَامَتْ عَلَيهِ الحُجَّةُ- رَدُّهَا" (١).

وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي كِتَابِهِ (فَتْحُ البَارِي): "وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي مَنَاقِبِ الشَّافِعِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى؛ سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: للهِ أَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ لَا يَسَعُ أَحَدًا رَدُّهَا، وَمَنْ خَالَفَ بَعْدَ ثُبُوتِ الحُجَّةِ عَلَيهِ فَقَدَ كَفَرَ، وَأَمَّا قَبْلَ قِيَامِ الحُجَّةِ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ بِالجَهْلِ، لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ لَا يُدْرِكُ بِالعَقْلِ وَلَا الرُّؤْيَةِ وَالفِكْرِ، فَنُثْبِتُ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَنَنْفِي عَنْهُ التَّشْبِيهَ كَمَا نَفَى عَنْ نَفْسِهِ، فَقَالَ: ﴿لَيسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ﴾ " (٢).

- قَولُهُ: ((مَا الكُرْسِيِّ فِي العَرْشِ إِلَّا كَحَلْقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ أُلْقِيَتْ بَينَ ظَهْرَي فَلَاةٍ مِنَ الأَرْضِ)) فِيهِ بَيَانُ عَظَمَةِ العَرْشِ، وَعَظَمَتُهُ تَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ صَاحِبِهِ وَخَالِقِهِ .

- قَولُ ابْنِ مَسْعُودٍ : (وَاللَّهُ فَوقَ العَرْشِ؛ لَا يَخْفَى عَلَيهِ شَيءٌ مِنْ أَعْمَالِكُمْ) فِيهِ بَيَانُ عُلُوِّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ فَوقَ جَمِيعِ مَخْلُوقَاتِهِ؛ وَأَنَّ عُلُوَّهُ مُلَازِمٌ لِعِلْمِهِ تَعَالَى لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ؛ خِلَافًا لِحَالِ المَخْلُوقِ.

وَفِي الحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ : (تَبَارَكَ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ كُلَّ شَيءٍ! إِنِّي لَأَسْمَعُ كَلَامَ خَولَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ -وَيَخْفَى عَلَيَّ بَعْضُهُ- وَهِيَ تَشْتَكِي زَوجَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ ؛ وَهِيَ تَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَكَلَ شَبَابِي! وَنَثَرْتُ لَهُ بَطْنِي! حَتَّى إِذَا كَبِرَتْ سِنِّي وَانْقَطَعَ وَلَدِي ظَاهَرَ مِنِّي!! اللَّهُمَّ إِنِّي أَشْكُو إِلَيكَ، فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى نَزَلَ جِبْرَائِيلُ بِهَؤُلَاءِ


(١) العُلُوُّ لِلعَليِّ الغَفَّارِ (ص ١٦٦).
(٢) فَتْحُ البَارِي (١٣/ ٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>