للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا التَّمْثِيلِ التَّقْرِيبِيِّ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ، وَلَا تُحِيطُ بِهِ الأَفْهَامُ.

- فَي الآثَارِ السَّابِقَةِ بَيَانُ مَذْهَبِ السَّلَفِ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَإِمْرَارِهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيرِ تَأْوِيلٍ وَلَا تَعْطِيلٍ (١).

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثيرٍ في التَّفْسِيرِ -عِنْدَ آيَةِ البَابِ-: "وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ، وَالطَّرِيقُ فِيهَا وَفِي أَمْثَالِهَا مَذْهَبُ السَّلَفِ، وَهُوَ إِمْرَارُهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَحْرِيفٍ" (٢).

وَقَالَ أَيضًا فِي كِتَابِهِ (البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ): "وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الرَّبِيعِ وَغَيرِ وَاحِدٍ مِنْ رُؤُوسِ أَصْحَابِهِ [أَي: الشَّافِعِيِّ] مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَمُرُّ بِآيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَعْطِيلٍ وَلَا تَحْرِيفٍ؛ عَلَى طَرِيقِ السَّلَفِ" (٣).

وَقَالَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ في كِتَابِهِ (العُلُوُّ لِلعَليِّ الغَفَّارِ): "وَعَنْ يُونُسَ بْنِ


(١) وَمِنَ التَّأْوِيلِ المَذْمُومِ -وَالَّذِي لَمْ يَقُمْ عَلَيهِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ شَرْعِيٌّ- مَا فِي تَفْسِيرِ الجَلَالَينِ (ص ١٧٧) عِنْدَ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾، فَقَالَ : "مَا عَرَفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ، أَو مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ حِينَ أَشْرَكُوا بِهِ غَيرَهُ، ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا﴾ حَالٌ؛ أَي: السَّبْعُ؛ ﴿قَبْضَتُهُ﴾ أَي: مَقْبُوضَةٌ لَهُ: أَي: فِي مُلْكِهِ وَتَصَرًّفِهِ!!! ﴿يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ﴾ مَجْمُوعَاتٌ؛ ﴿بِيَمِينِهِ﴾ بِقُدْرَتِهِ!!! ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ مَعَهُ".
قُلْتُ: عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ (أَوِ التَّأْوِيلِ) تَرِدُ أَسْئِلَةٌ مُخْتَصَرَةٌ، وَفِي تَأَمُّلِهَا الإِجَابَةُ:
أ- مَنْ فَسَّرَ (القَبْضَةَ) بِالمُلْكِ، وَ (اليَمِينَ) بِالقُدْرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ؟
ب- مَا وَجْهُ جَعْلِ الأَرْضِ يَومَ القِيَامَةِ -دُونَ السَّمَوَاتِ؛ فِي هَذَا التَّفْسِيرِ- مَخْصُوصَةً بِالمُلْكِ وَالتَّصَرُّفِ؛ رُغْمَ أَنَّ كُلَّ شَيءٍ هُوَ أَصْلًا فِي مُلْكِهِ وَتَصَرُّفِهِ تَعَالَى؛ سَوَاءً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؟
(٢) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِير (٧/ ١١٣).
(٣) البِدَايَةُ وَالنِّهَايَةُ (١٤/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>