للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالآخِرَةِ، وَإِنَّمَا أُضِيفَ إِلَى يَومِ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أَحَدٌ هُنَالِكَ شَيئًا، وَلَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، كَمَا قَالَ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ [النَّبَأ: ٣٨]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طَه: ١٠٨]، وَقَالَ: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ [هُود: ١٠٥] " (١).

- قَولُهُ: ((أَينَ الجَبَّارُونَ؟)) الاسْتِفْهَامُ هُنَا لِلتَّحَدِّي وَالتَّوبِيخِ؛ فَيَقُولُ: أَينَ المُلُوكُ الَّذِينَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا لَهُم السُّلْطَةُ وَالتَّجَبُّرُ وَالتَّكَبُّرُ عَلَى عِبَادِ اللهِ؟ وَفِي ذَلِكَ الوَقْتِ يُحْشَرُ أُولَئِكَ أَمْثَالَ الذَّرِّ يَطَؤُهُمُ النَّاسُ بِأَقْدَامِهِم، كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُونَ يَومَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ في صُوَرِ الرِّجَالِ؛ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، يُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ في جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولُسَ، تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ، يُسْقَونَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ؛ طِينَةِ الخَبَالِ)) (٢)، وذَلكَ مُقَابَلَةً لَهُم مِنْ جِنْسِ عَمَلِهِم.

- قَولُهُ: ((فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ)) هَكَذَا سَاقَهُ المُؤَلِّفُ؛ وَلَكِنَّ الَّذِي فِي تَفْسِيرِ ابْنِ جَرِيرٍ هُوَ بِلَفْظِ: ((فِي يَدِ اللهِ))، إِلَّا أَنَّ صِفَةَ الكَفِّ للهِ تَعَالَى ثَابِتَةٌ فِي أَحَادِيثَ أُخْرَ صَحِيحَةٍ (٣).

- قَولُهُ: ((كَخَرْدَلَةٍ)) هِيَ حَبَّةُ نَبَاتٍ صَغِيرَةٍ جِدًّا؛ يُضْرَبُ بِهَا المَثَلُ فِي الصِّغَرِ وَالقِلَّةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَظَمَتِهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَا يُحِيطُ بِهِ شَيءٌ، وَالأَمْرُ أَعْظَمُ مِنْ


(١) تَفْسِيرُ ابْنِ كَثِيرٍ (١/ ١٣٤).
(٢) حَسَنٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٤٩٢) عَنِ ابْنِ عَمْرُو مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٨٠٤٠).
(٣) كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ -وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ- إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ -وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً- فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الجَبَلِ؛ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَو فَصِيلَهُ)). مُسْلِمٌ (١٠١٤) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>