للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - أَنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ لِلشَّفَاعَةِ شُرُوطًا مِنْهَا: رِضَى اللهِ تَعَالَى عَنِ المَشْفُوعِ، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأَنْبِيَاء: ٢٨]، فيَكُونُ مِنْ أَسْبَابِ حُصُولِ هَذِهِ الشَّفَاعَةِ طَلَبُ الرِّضَى مِنَ اللهِ تَعَالَى وَحْدَهُ وَلَيسَ مِنْ غَيرِهِ! فاللهُ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ مِنْ أَسْبَابِ حُصُولِ الشَّفَاعَةِ أَنْ تُطْلَبَ مِنْ غَيرِهِ تَعَالَى، بَلْ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ شِرْكَ المُشْرِكِينَ الأَوَائِلِ كَانَ فِي طَلَبِ الشَّفَاعَةِ مِنَ الأَولِيَاءِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [يُونُس: ١٨]، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ أَنَّ الدُّعَاءَ هُوَ العِبَادَةُ (١).

٤ - أَنَّ يَومَ القِيَامَةِ يَكُونُ المُلْكُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ هُوَ للهِ وَحْدَهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾؛ فَلَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ تَعَالَى (٢).


(١) وَالحَدِيثِ هُوَ ((الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ)) ثُمَّ قَرَأَ ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [غَافِر: ٦٠]. صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٢٩٦٩) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٣٤٠٧).
(٢) قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ في التَّفْسِيرِ (١/ ١٣٤): "وَتَخْصِيصُ المُلْكِ بِيَومِ الدِّينِ لَا يَنْفِيهِ عَمَّا عَدَاهُ، لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الإِخْبَارُ بِأَنَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ، وَذَلِكَ عَامٌّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَإِنَّمَا أُضِيفَ إِلَى يَومِ الدِّينِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي أَحَدٌ هُنَالِكَ شَيئًا، وَلَا يَتَكَلَّمُ أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، كَمَا قَالَ: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ [النَّبَأ: ٣٨]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا﴾ [طَه: ١٠٨]، وَقَالَ: ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ﴾ [هُود: ١٠٥] ".

<<  <  ج: ص:  >  >>