للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: إِنَّ ذِكْرَ الاسْتِفْهَامِ فِي هَذِهِ الأَوجُهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَدَمَهَا هُوَ سَبَبُ النَّهْيِّ (١)، وَأَوجُهُ الدِّلَالَةِ هِيَ:

أ - إِنَّ ذِكْرَ صِفَاتِ المَشْي وَالبَطْشِ يَدُلُّ عَلَى القُدْرَةِ.

ب- إِنَّ ذِكْرَ صِفَاتِ السَّمْعِ وَالبَصَرِ يَدُلُّ عَلَى الحُضُورِ (٢).

ج- إِنَّ مَجْمُوعَ هَذِهِ الصِّفَاتِ يَدُلُّ عَلَى الحَيَاةِ.

قُلْتُ: وَتَأَمَّلْ قَولَهُ تَعَالَى فِي مَعْرِضِ ذِكْرِ الأُلُوهيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ فِي أَعْظَمِ آيَةٍ فِي القُرْآنِ: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [البَقَرَة: ٢٥٥]، فَاللهُ حَيٌّ سُبْحَانَهُ لَا يَمُوتُ، وَهُوَ قَيُّومٌ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى القُدْرَةِ التَّامَّةِ، وَلَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَومٌ -وَالسِّنَةُ هِيَ: أَوَّلُ النَّومِ وَمُقَدِّمَاتُهُ- وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ المَعِيَّةِ وَالحُضُورِ وَالإِحَاطَةِ.

وَكَمَا قَالَ تَعَالَى لِمُوسَى يُطَمْئِنُهُ مِنْ بَطْشِ فِرْعَونَ: ﴿قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا


(١) قُلْتُ: وَالسِّيَاقُ هُوَ فِي دُعَاءِ المَسْأَلَةِ.
(٢) وفِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [الزُّمَر: ٤٢] بَيَانُ أَنَّ أَرْوَاحَ الأَمْوَاتِ مُمْسَكَةٌ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى؛ بِخِلَافِ مَنْ زَعَمَ مِمَّنْ يَتَعَلَّقُ بِالأَمْوَاتِ -مِنْ ضُلَّالِ الأَحْيَاءِ- فَيَقُولُونَ: إِنَّ الأَرْوَاحَ مُطْلَقَةٌ مُتَصَرِّفَةٌ! ﴿قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ﴾ [البَقَرَة: ١٤٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>