للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾ [الأَنْبِيَاء: ٢٣] " (١).

قُلْتُ: وَتَأْيِيدُ كَلَامِهِ هُوَ فِي نَفْسِ سِيَاقِ الآيَةِ ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [فَاطِر: ٢٢].

وَمِثْلُهُ أَيضًا حَدِيثُ عَمْرو بْنُ العَاصِ ؛ قَالَ: "إِذَا دَفَنْتُمُونِي؛ فَأقِيمُوا حَولَ قَبْرِي قَدْرَ مَا تُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقَسَّمُ لَحْمُهَا حَتَّى أَسْتَأنِسَ بِكُمْ، وَأعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢). فَهُوَ مِنْ نفْسِ البَابِ أَيضًا.

قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ : "وَفِيهِ أَنَّ المَيِّتَ يَسْمَعُ حِينَئِذٍ مَنْ حَولَ القَبْرِ" (٣).

وَقَالَ ابْنُ الجَوزِيِّ "وَقَولُهُ (حَتَّى أَسْتَأنِسَ بِكُم) وَقَدْ سَبَقَ فِي مُسْنَدِ أَنَسٍ وَغَيرِهِ أَنَّ المَيِّتَ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ إِذَا وَلَّوا، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ حَسُنَ أَنْ يَقُولَ: (حَتَّى أَسْتَأنِسَ بِكُم)، وَالمُرَادُ بِالرُّسُلِ هُنَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ" (٤).

الدَّلِيلُ الثَّالِثُ: مَا وَرَدَ عِنْدَ زِيَارَةِ القُبُورِ مِنَ الدُّعَاءِ لِلأَمْوَاتِ بِصِيغَةِ الخِطَابِ: "السَّلَامُ عَلَيكُم"، وَأَيضًا تَسْمِيَتُهَا بِـ (زِيَارةِ القُبُورِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُم يَعْلَمُونَ مَنْ يَزورُهُم (٥).


(١) شَرْحُ البُخَارِيِّ لِابْنِ بَطَّال (٣/ ٣٢٠).
(٢) مُسْلِمٌ (١٢١).
(٣) شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ (٢/ ١٣٩): "وَفِيهِ أَنَّ المَيِّتَ يَسْمَعُ حِينَئِذٍ مَنْ حَولَ القَبْرِ".
(٤) كَشْفُ المُشْكِلِ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَين (٤/ ١١١).
(٥) وَهَذِهِ الشُّبْهَةُ مَنْقُولَةٌ عَنِ ابْنِ القَيِّمِ فِي كِتَابِهِ الرُّوح (ص ٨).
تَنْبِيهٌ: قَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ فِي التَّعْلِيقِ عَلَى (الآيَاتُ البَيِّنَاتُ) (ص ٣٩): "إِنِّي فِي شَكٍّ كَبِيرٍ مِنْ صِحَّةِ نِسْبَةِ (الرُّوحِ) إِلَيهِ، أَو لَعَلَّهُ ألَّفَهُ فِي أَوَّلِ طَلَبِهِ لِلعِلْمِ. وَاللهُ أَعْلَمُ".

<<  <  ج: ص:  >  >>