وَإِلى هَذَا ذَهَبَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ ﵀ فِي التَّفْسِيرِ (٦/ ٣٢٧)، فَقَدْ أَثْبَتَ سَمَاعَ الأَمْوَاتِ عِنْدَ قُبُورِهِم، وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِالآثَارِ النَّبَوِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ -وَسَيَأْتِي التَّعْلِيقُ عَلَى بَعْضِهَا-، فَقَالَ ﵀: "وَقَدْ شُرِعَ السَّلَامُ عَلَى المَوتَى، وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَمْ يَشْعُرْ وَلَا يَعْلَمُ بِالمُسَلِّمِ مُحَالٌ! وَقَدْ عَلَّمَ النَّبِيُّ ﷺ أُمَّتَهُ إِذَا رَأَوا القُبُورَ أَنْ يَقُولُوا: السَّلَامُ عَلَيكُم أَهْلَ الدِّيَارِ".وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَولُ شَيخِ الإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي مَجْمُوِعِ الفَتَاوَى (٢٤/ ٣٦٤): "فَهَذِهِ النُّصُوصُ وَأَمْثَالُهَا تُبَيِّنُ أَنَّ المَيِّتَ يَسْمَعُ فِي الجُمْلَةِ كَلَامَ الحَيِّ، وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ السَّمْعُ لَهُ دائِمًا، بَلْ قَدْ يَسْمَعُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ".(٢) البُخَارِيُّ (١٥٩٧).(٣) قُلْتُ: وَلَا يَرِدُ عَلَيهِ مَا فِي التِّرْمِذِيِّ (٩٦١) -وَهُوَ صَحِيحٌ، كَمَا فِي صَحِيحِ الجَامِعِ (٥٣٤٦) - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا فِي الحَجَرِ الأَسْوَدِ: ((وَاللهِ لَيَبْعَثَنَّهُ اللهُ يَومَ القِيَامَةِ لَهُ عَينَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ؛ يَشْهَدُ عَلَى مَنِ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ)) وَذَلِكَ لِأَمْرَينِ:الأَوَّلِ: أَنَّهُ جَمَادٌ؛ وَإِذَا شَاءَ اللهُ أَنْطَقَهُ، وَذَلِكَ كَائِنٌ يَومَ القِيَامَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [فُصِّلَت: ٢١].وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ تَأْتِ فِي صِفَتِهِ السَّمَاعُ! بَلِ البَصَرُ وَالنُّطْقُ. وَالحَمْدُ للهِ.(٤) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (٣٩٢٥) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الحَمْرَاءِ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (٧٠٨٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute