(٢) قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الرَّازِيُّ ﵀: "وَاعْلَمْ أَنَّ الْكُفَّارَ أَورَدُوا عَلَى هَذَا الْكَلَامِ سُؤَالًا؛ فَقَالُوا: نَحْنُ لَا نَعْبُدُ هَذِهِ الْأَصْنَامَ لِاعْتِقَادِ أَنَّهَا آلِهَةٌ تَضُرُّ وَتَنْفَعُ! وَإِنَّمَا نَعْبُدُهَا لِأَجْلِ أَنَّهَا تَمَاثِيلُ لِأَشْخَاصٍ كَانُوا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ؛ فَنَحْنُ نَعْبُدُهَا لِأَجْلِ أَنْ يَصِيرَ أُولَئِكَ الْأَكَابِرُ شُفَعَاءَ لَنَا عِنْدَ اللَّهِ. فَأَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ قَالَ: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيئًا وَلَا يَعْقِلُونَ﴾ [الزمر: ٤٣] وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ: أَنَّ هَؤُلَاءِ الْكُفَّارَ؛ إِمَّا أَنْ يَطْمَعُوا بِتِلْكَ الشَّفَاعَةِ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَامِ أَو مِنْ أُولَئِكَ الْعُلَمَاءِ وَالزُّهَّادِ الَّذِينَ جُعِلَتْ هَذِهِ الْأَصْنَامُ تَمَاثِيلَ لَهَا، وَالْأَوَّلُ: بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجَمَادَاتِ -وَهِيَ الْأَصْنَامُ- لَا تَمْلِكُ شَيئًا وَلَا تَعْقِلُ شَيئًا، فَكَيفَ يُعْقَلُ صُدُورُ الشَّفَاعَةِ عَنْهَا؟! وَالثَّانِي: بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ فِي يَومِ الْقِيَامَةِ لَا يَمْلِكُ أَحَدٌ شَيئًا، وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى الشَّفَاعَةِ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، فَيَكُونُ الشَّفِيعُ فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهَ الَّذِي يَأْذَنُ فِي تِلْكَ الشَّفَاعَةِ، فَكَانَ الِاشْتِغَالُ بِعِبَادَتِهِ أَولَى مِنَ الِاشْتِغَالِ بِعِبَادَةِ غَيرِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾ [الزمر: ٤٤] ". تَفْسِيرُ الرَّازِي (٢٦/ ٤٥٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute