المَلَائِكَةِ: ﴿يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأَنْبِيَاء: ٢٨].
وَتَأَمَّلْ أَحْوَالَ الشَّافِعِينَ مَعَ المَشْفُوعِ عِنْدَهُم تَجِدُهَا مِنْ هَذَا القَبِيلِ.
وَبِمَعْرِفَةِ مَا سَبَقَ يُفْتَحُ لَكَ بَابٌ فِي مَعْرِفَةِ سَبَبِ كَونِ آيَةِ الكُرسيِّ أَعْظَمَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى (١)، حَيثُ ذُكِرَ فِيهَا كَمَالُ مُلْكِ وَعِلْمِ اللهِ تَعَالَى مَعًا، وَذُكِرَ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَشْفَعُ عِنْدَهُ أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَينَ أَيدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [البَقَرَة: ٢٥٥].
قُلْتُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُضَافَ أَيضًا سَبَبٌ آخَرُ ثَالِثٌ، وَهُوَ كَمَالُ رَحْمَتِهِ سُبْحَانَهُ؛ فَهُوَ لَا يَحْتَاجُ لِمَنْ يَشْفَعُ عِنْدَهُ كَي يُوَدِّدَ إِلَيهِ فُلَانًا مِنَ النَّاسِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ -وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِ-، فَاللهُ تَعَالَى هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى -كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ شَيخِ الإِسْلَامِ- هُوَ الَّذِي يَجْعَلُ شَفَاعَةَ الشَّافِعِ سَبَبًا لِحُصُولِ رَحْمَتِهِ تَعَالَى بِالمَشْفُوعِ فِيهِ.
- فَائِدَةٌ: "وَالمُشْرِكُ يَقْصِدُ فِيمَا يُشْرِكُ بِهِ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ، أَو يَتَقَرَّبَ بِعِبَادَتِهِ إِلَى اللهِ، أَو يَكُونَ قَدْ أَحَبَّهُ كَمَا يُحِبُّ اللهَ.
وَالمُشْرِكُونَ بِالقُبُورِ تُوجَدُ فِيهِمُ الأَنْوَاعُ الثَّلَاثَةُ.
(١) عَنْ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((يَا أَبَا المُنْذِرِ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟)). قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ((يَا أَبَا المُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟)). قَالَ: قُلْتُ: اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحيُّ القَيُّومُ. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: ((وَاللَّهِ؛ لِيَهْنِكَ العِلْمُ أَبَا المُنْذِرِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٨١٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute