للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكْنْ إِذَا قَالَ الرَّسُولُ لَنَا: (إِنَّ اللهَ أَبَى أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ) نعْتَرِضُ عَلَى اللهِ؟! مَا نَدْرِي، قَد يَكُونُ قَامَتْ عَلَيهِ الحُجَّةُ، لِأَنَّ فِيهِ بَقَايَا مِن دِينِ إِسْمَاعِيلَ فِي العَرَبِ، وَفِيهِ وَرَقَةُ بْنُ نَوفَلٍ؛ تَنَصَّرَ" (١).

قُلْتُ: وَعَلَى سَبِيلِ التأكيد؛ فَإِنَّ فِي صَحِيحِ البُخَاريِّ: أَنَّ النَّبِيَّ لَقِيَ زَيدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيلٍ بِأَسْفَلِ بَلْدَحٍ (٢) -قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ الوَحْيُ-؛ فَقُدِّمَتْ إِلَى النَّبِيِّ سُفْرَةٌ؛ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَالَ زَيدٌ: إِنِّي لَسْتُ آكُلُ مِمَّا تَذْبَحُونَ عَلَى أَنْصَابِكُمْ، وَلا آكُلُ إِلَّا مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيهِ، وَأَنَّ زَيدَ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَعِيبُ عَلَى قُرَيشٍ ذَبَائِحَهُمْ؛ وَيَقُولُ: الشَّاةُ خَلَقَهَا اللَّهُ؛ وَأَنْزَلَ لَهَا مِنَ السَّمَاءِ المَاءَ؛ وَأَنْبَتَ لَهَا مِنَ الأَرْضِ؛ ثُمَّ تَذْبَحُونَهَا عَلَى غَيرِ اسْمِ اللَّهِ!! إِنْكَارًا لِذَلِكَ وَإِعْظَامًا لَهُ (٣).

وَأَيضًا فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ؛ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: "رَأَيتُ زَيدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الكَعْبَةِ؛ يَقُولُ: يَا مَعَاشِرَ قُرَيشٍ؛ وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيرِي" (٤).

٢ - الجَمْعُ بَينَ الأَدِلَّةِ كُلِّهَا؛ بِأَنْ يُحْمَلَ الخَاصُّ -الَّذِي أَثْبَتَ العَذَابَ لِلْمَذْكُورِينَ- عَلَى الإِخْبَارِ عَنْ حَالِهِم عِنْدَ الامْتِحَانِ يَومَ القِيَامَةِ.

قَالَ العَلَّامَةُ مُحَمَّدٌ الأَمِينُ الشِّنْقِيطِيُّ -فِي تَفْسِيرِ قَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ -: "الظَّاهِرُ أَنَّ التَّحْقِيقَ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ الَّتِي هِيَ: هَلْ


(١) تَفْسِيرُ سُورَةِ غَافِرٍ لِابْنِ عُثَيمِين -الأَصْلُ الصَّوتِيُّ- شَرِيطُ (أ/١٢).
(٢) "هُوَ مَكَانٌ فِي طَرِيقِ التَّنْعِيمِ". فَتْحُ البَارِي (٧/ ١٤٣).
(٣) صَحِيحُ البُخَارِيِّ (٣٨٢٦) مِن حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا.
(٤) صَحِيحُ البُخَارِيِّ (٣٨٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>