(٢) هَذَا وَقَدْ جَاءَتْ آثَارٌ كَثِيرْةٌ فِي بَيَانِ إِنْكَارِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ﵃ عضلَى ذَلِكَ البِنَاءِ وَالاتِّخَاذِ، وَهَذِهِ أَمْثِلَةٌ ثَلَاثَةٌ:أ- أَورَدَ السُّيُوطِيُّ ﵀ فِي الجَامِعِ الكَبِيرِ -وَالأَثَرُ أَخْرَجَهُ ابْنُ زَنْجَوِيه- عَنْ عُمَرَ مَولَى غُفْرَة؛ قَالَ: لَمَّا ائْتَمَرُوا فِي دَفْنِ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ قَائِلٌ: نَدْفِنُهُ حَيثُ كَانَ يُصَلِّي فِي مَقَامِهِ! قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَعَاذَ اللهِ أَنْ نَجْعَلَهُ وَثَنًا يُعْبَدُ! وَقَالَ آخَرُونَ: نَدْفِنُهُ فِي البَقِيعِ حَيثُ دُفِنَ إِخْوَانُهُ مِنَ المَهَاجِرِينَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّا نَكْرَهُ أَنْ نُخْرِجَ قَبْرَ رَسُولِ اللهِ ﷺ إِلَى البَقِيعِ فَيَعُوذُ بهِ عَائِذٌ مِنَ النَّاسِ -للهِ عَلَيهِ حَقٌّ- وَحَقُّ اللهِ فَهُوَ حَقُّ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ فَإِنْ أَخَذْنَا بِهِ ضَيَّعْنَا حَقَّ اللهِ، وَإِنْ أَخْفَرْنَاهُ أَخْفَرْنَا قَبْرَ رَسُولِ اللهِ ﷺ! قَالُوا: فَمَا تَرَى أَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: ((مَا قَبَضَ اللهُ نَبِيًّا قَطُّ إِلَّا دُفِنَ حَيثُ قَبَضَ رُوحَهُ)). قَالُوا: فَأَنْتَ -وَاللهِ- رَضِيُّ مُقْنِعٌ، ثُمَّ خَطُّوا حَولَ الفِرَاشِ خَطًّا، ثُمَّ احْتَمَلَهُ عَلِيٌّ وَالعبَّاسُ وَالفَضْلُ وَأَهْلُهُ، وَوَقَعَ القَومُ فِي الحَفْرِ يَحْفِرُونَ حَيثُ كَانَ الفِرَاشُ. ذَكَرَهُ فِي فِضَائِلِ الصِّدِّيقِ.قَالَ الشَّيخُ الأَلْبَانِيُّ ﵀ فِي كِتَابِهِ تَحْذِيرُ السَّاجِدِ (ص ١٣): قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَهُوَ مُنْقَطِعٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، فَإِنَّ عُمَرَ مَولَى غُفْرَةَ -مَعَ ضَعْفِهِ- لَمْ يُدْرِكْ أيَّامَ الصِّدِّيقِ. كَذَا فِي (الجَامِعِ الكَبِيرِ) لِلسُّيُوطِيِّ (٣/ ١٤٧/١٢).ب- رَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ (٤/ ٢١): "عَنْ سَالِمِ أَبِي النَّضْرِ؛ قَالَ: لَمَّا كَثُرَ المُسْلِمُونَ فِي عَهْدِ عُمَرَ ضَاقَ بِهُمُ المَسْجِدُ؛ فَاشْتَرَى عُمَرُ مَا حَولَ المَسْجِدِ مِنَ الدُّورِ إِلَّا دَارَ العَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلبِ وَحُجَرِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، فَقَالَ عُمَرُ لِلْعَبَّاسِ: يَا أَبَا الفَضْلِ إِنَّ مَسْجِدَ المُسْلِمِينَ قَدْ ضَاقَ بِهِم، وَقَدْ ابْتَعْتُ مَا حَولَهُ منَ المَنَازِلِ نُوَسِّعُ بهِ عَلَى المُسْلِمِينَ فِي مَسْجِدِهِم إِلَّا دَارَكَ وَحُجَرَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، فَأَمَّا حُجُرَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِين فَلَا سَبِيلَ إِلَيهَا، وَأَمَّا دَارُكَ فَبِعْنِيهَا بِمَا شِئْتَ مِنْ بَيتِ مَالِ المُسْلِمِينَ أُوَسِّعُ بِهَا فِي مَسْجِدِهِم".جـ- أَنْكَرَ سَعِيدُ بْنُ المَسَيِّبِ ﵀ -وَقَدْ تُوُفِّيَ بَعْدَ التِّسْعِين- ذَلِكَ الِإدْخَالَ، فَقَدْ قَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ ﵀=
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute