فِي تَارِيخِهِ (١٢/ ٤١٥) بَعْدَ أَنْ سَاقَ قِصَّةَ إِدْخَالِ الحُجْرَةِ فِي المَسْجِدِ: "وَيُحْكَى أَنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيِّبِ أَنْكَرَ إِدْخَالَ حُجْرَةِ عَائِشَة فِي المَسْجِدِ؛ كَأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ القَبْرُ مَسْجِدًا".(١) شَرْحُ مُسْلِمٍ (٥/ ١٤).تَنْبِيهٌ: عَزُو إِدْخَالِ الحُجْرَةِ فِي المَسْجِدِ إِلَى الصَّحَابةِ لَا يَثْبُتُ؛ كَمَا أَوضَحَهُ الحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الهَادِي ﵀ فِي كِتَابِهِ الصَّارِمُ المُنْكِي (ص ١٥١).قُلْتُ: وَفِي إِكْمَالِ المُعْلِمِ (٢/ ٢٥٢) شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلقَاضِي عِيَاض: "وَلِهَذَا لَمَّا احْتَاجَ المُسْلِمُونَ إِلَى الزِّيَادَةِ فِي مَسْجِدِهِ ﷺ لِتَكَاثُرِهِم بِالمَدِينَةِ، وَامْتَدَّتِ الزِّيَادَةُ إِلَى أَنْ أُدْخِلَ فِيهَا بُيُوتَ أَزْوَاجِهِ"، فَلَمْ يَذْكُرِ الصَّحَابَةَ؛ فَتَنَبَّهْ.(٢) وَالمَوجُودُ عَلَيهِ الآنَ مِنَ الجُدْرَانِ أَرْبَعَةُ جُدُرٍ:فَالجِدَارُ الأَوَّلُ -وَهُوَ مُغْلَقٌ تَمَامًا- هُوَ جِدَارُ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَهُوَ الَّذِي سَقَطَ فأُعِيدَ وَسُدَّ بَابُهُ.وَالجِدَارُ الثَّانِي هُوَ الَّذِي عُمِلَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ فِي إِمَارَةِ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ المَلِكِ، جَعَلُوا جِهَةَ الشَّمَالِ -وَهِيَ عَكْسُ جِهَةِ القِبْلَةِ- جَعَلُوهَا مُثَلَّثَةً.ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَزْمَان جَاءَ جِدَارٌ ثَالِثٌ أَيضًا وَبُنيَ حَولَ هَذَينِ الجِدَارَينِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فِي القَصِيدَةِ النُّونِيَّةِ يَذْكُرُ دُعَاءَ النَّبِيِّ ﷺ ((اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ)) -وَهُوَ صَحِيحٌ؛ وَسَيَأْتِي- قَالَ: "فَأَجَابَ رَبُّ العَالَمِينَ دُعَاءَهُ … وَأَحَاطَهُ بِثَلَاثَةِ الجُدْرَانِ،حَتَّى غَدَتْ أَرْجَاؤُهُ بِدُعَائِهِ … فِي عِزَّةٍ وحِمَايَةٍ وَصِيَانِ"، وَهَذَا الجِدَارُ كَبِيرٌ مُرْتَفِعٌ إِلَى فَوقٍ، وُضِعَتْ عَلَيهِ القُبَّةُ فِيمَا بَعْدُ -وَهَذِهِ القُبَّةُ بُنِيَتْ سَنَةَ (٧٧٨ هـ) فِي دَولَةِ السُّلْطَانِ المَلِكِ المَنْصُورِ قَلَاوون-، وَكُلُّ هَذِهِ الجُدْرَانِ لَيسَ لَهَا بَابٌ.ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ وُضِعَ السُّورُ الحَدِيدِيُّ هَذَا وَهُوَ الرَّابِعُ، وَهَذَا السُّورُ الحَدِيدِيُّ بَينَهُ وَبَينَ الجِدَارِ الثَّالِثِ نَحْوَ مِتْرٍ وَنِصْفٍ فِي بَعْضِ المَنَاطِقِ وَنَحْوَ مِتْرٍ فِي بَعْضِهَا، وَبَعْضُهَا نَحْوَ مِتْرٍ وَثَمَانِينَ (سَنْتِيمِتْر) إِلَى مِتْرَينِ فِي بَعْضِهَا، يَضِيقُ وَيَزْدَادُ. اُنْظُرْ كِتَابَ (التَّمْهِيدُ) (ص ٢٦١) لِلشَّيخِ صَالِحِ آلِ الشَّيخِ حَفِظَهُ اللهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute