للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَسْتَطِيعَ، لِأَنَّ القَبْرَ مَعْزُولٌ عَنِ المَسْجِدِ قَدْ أُغْلِقَتْ كُلُّ المَنَافِذِ إِلَيهِ، فَبِذَلِكَ خَرَجَ عَنْ كَونِ صُورَتِهِ صُورَةَ قَبْرٍ فِي مَسْجِدٍ (١).

٣ - وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنَ القَولِ بِأَنَّ المَسْجِدَ النَّبَويَّ، عَلَى فَرْضِ أَنَّ الآنَ صُوَرتُهُ صُورَةُ قَبْرٍ فِي مَسْجِدٍ؛ فَلَا يَنْسَحِبُ عَلَيهِ حُكْمُ النَّهْي لِمَا لَهُ مِنْ فَضِيلَةٍ عُظْمَى فِي مُضَاعَفَةِ أَجْرِ الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ بِقَاعِدَةِ (مَا حُرِّمَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ؛ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لِلمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ) (٢).


(١) وَأَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ -مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ هَذَا الأَمْرِ عِنْدَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُم- أَنَّهُم أَخَذُوا مِنَ الرَّوضَةِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي هِيَ رَوضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ؛ كَمَا قَالَ : ((مَا بَينَ بَيتِي وَمِنْبَرِي رَوضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (١١٩٦)، وَمُسْلِمٌ (١٣٩١) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا، فَأَخَذُوا مِنْهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَمْتَارٍ كَي يَقُومَ الجِدَارُ الثَّانِي ثُمَّ يَقُومَ الجِدَارُ الثَّالِثُ ثُمَّ يَقُومَ السُّورُ الحَدِيدِيُّ، وَمَا هَذَا إِلَّا لِمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ شَأْنِ الرَّوضَةِ؛ أَلَا وَهُوَ الخَوفُ مِنَ الافْتِتَانِ بِالقَبْرِ وَاتِّخَاذِهِ مَسْجِدًا.
(٢) وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ القَاعِدَةَ ابْنُ القيَّمِ فِي كِتَابِهِ (إِعْلَامُ المُوَقِّعِينَ) (٢/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>