للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- مُنَاقَشَةٌ أُوْلَى: فِي تَحْقِيقِ مَسْأَلَةِ أَلْفَاظِ الخُلُودِ لِغَيرِ أَصْحَابِ الكُفْرِ الأَكْبَرِ.

قَالَ الشَّيخُ صَالِحُ آلِ الشَّيخِ حَفِظَهُ اللهُ: "الخُلُودُ فِي القُرْآنِ نَوعَانِ: خُلُودٌ أَبَدِيٌّ، وَخُلُودٌ أَمَدِيٌّ.

الخُلُودُ فِي اللُّغَةِ -وَاسْتِعْمَالُ القُرْآنِ عَلَى ذَلِكَ-: أَنَّ الخُلُودَ مَعْنَاهُ المُكْثُ الطَّوِيلُ، إِذَا مَكَثَ طَوِيلًا قِيلَ لَهُ: خَالِدٌ، وَلِذَلِكَ العَرَبُ تُسَمِّي أَولَادَهَا خَالِدًا تَفَاؤُلًا بِطُولِ المُكْثِ؛ بِطُولِ العُمُرِ، سَمَّوهُ خَالِدًا، يَعْنِي أَنَّهُ سَيُعَمِّرُ عُمْرًا طَوِيلًا، وَلَيسَ مَعْنَى الخُلُودِ يَعْنِي أَنَّهُ خُلُودٌ لَيسَ مَعَهُ اِنْقِطَاع!، وَإِنَّمَا هَذَا يُمَيَّزُ بِالأَبَدِيَّةِ، لِهَذَا فِي الآيَاتِ ثَمَّ آيَاتٌ فِيهَا ﴿أَبَدًا﴾ وَثَمَّ آيَاتٌ لَيسَ فِيهَا الأَبَدِيَّةُ، فَلَمَّا جَاءَ فِي القَتْلِ قَالَ: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا﴾ [النِّسَاء: ٩٣] أَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الخُلُودَ فِي هَذِهِ الآيَةِ لَيسَ أَبَدِيًّا لِأَنَّ مُرْتَكِبَ الكَبِيرَةِ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بِتَوحِيدِهِ" (١).

وَقَالَ الإِمَامُ ابْنُ القَيِّمِ -فِي ذِكْرِ إِشْكَالٍ وَجَوَابِهِ-: "فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَ آدَمُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ عُمُرًا مُقَدَّرًا وَأَجَلًا يَنْتَهِي إِلَيهِ وَأَنَّهُ لَيسَ مِنَ الخَالِدِينَ؛ فَكَيفَ لَمْ يَعْلَمْ كَذِبَ إِبْلِيسَ فِي قَولِهِ: ﴿هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ﴾ [طه: ١٢٠] وقوله: ﴿أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ﴾ [الأعراف: ٢٠]؟

فَالجَوَابُ مِنْ وَجْهَينِ:

أَحَدِهِمَا: أَنَّ الخُلْدَ لَا يَسْتَلْزِمُ الدَّوَامَ وَالبَقَاءَ؛ بَلْ هُوَ المُكْثُ الطَّوِيلُ -كَمَا سَيَأْتِي-.


(١) شَرْحُ العَقِيدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ، شَرِيط رَقَم (٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>