للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُوَسْوِسُ لَهُ.

- الكَاهِنُ يَسْتَخْدِمُ وَسِيلَةً ظَاهِرَةً لِلنَّاسِ فِي إِجَابَاتِهِ لِيُقْنِعَ السَّائِلَ بِأَنَّهُ وَصَلَ إِلَيهِ العِلْمُ عَنْ طَرِيقِهَا، كَالنُّجُومِ أَوِ الخَطِّ أَوِ الكَفِّ، وَهِيَ وَسَائِلُ لَا تُحَصِّلُ ذَلِكَ العِلْمَ! وَلَكِنَّ العِلْمَ جَاءَهُ عَنْ طَرِيقِ الجِنِّ، وَهَذِهِ الوَسِيلَةُ إنَّمَا هِيَ لِخِدَاعِ النَّاسِ كَي يَظُنَّ الظَّانُّ أَنَّهَا تُؤدِي إِلَى ذَلِكَ العِلْمِ؛ فَيَظُنَّ بِهِ الكَرَامَةَ وَالخُصُوصِيَّةَ لَا الدَّجَلَ وَالشَّعْوَذَةَ.

- الكَاهِنُ وَالمُنَجِّمُ يَجِبُ قَتْلُهُمُ لِدَفعِ مَفْسَدَتِهِم وَمَضَرَّتِهِم -حَتَّى وَإِنْ قُلْنَا بِعَدَمِ كُفْرِهِم- لِأَنَّ أَسْبَابَ القَتْلِ لَيسَتْ مُخْتَصَّةً بِالكُفْرِ فَقَط! بَلْ لِلقَتْلِ أَسْبَابٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المَائِدَة: ٣٣].

فَكُلُّ مَنْ أفسدَ عَلَى النَّاسِ أُمُورَ دِينِهِم أَو دُنْيَاهُم؛ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَتْ هَذِهِ الأُمُورُ تَصِلُ إِلَى الخُرُوجِ مِنَ الإِسْلَامِ (١).

- قَولُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَومٍ يَكْتُبُونَ (أَبَا جَادٍ) وَيَنْظُرُونَ فِي النُّجُومِ: المَقْصُودُ بِـ (أَبَا جَادٍ) أَي حُرُوفُ الهِجَاءِ، وَهَذِهِ يَنْقَسِمُ تَعَلُّمُهَا إِلَى قِسْمَينِ:

١ - تَعَلُّمٍ مُبَاحٍ: كَأَنْ يَتَعَلَّمَهَا المَرْءُ لِحِسَابِ الجُمَلِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ كَمَا


(١) يُنْظَرُ: (القَولُ المُفِيدُ) (١/ ٥٥٠).
قُلْتُ: إنَّمَا قِيلَ بِالاسْتِتَابَةِ هُنَا خِلَافًا لِلسَّاحِرِ أَنَّهُ يُقْتَلُ دُونَ اسْتِتَابَةٍ! لِأَنَّ السِّحْرَ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِالكُفْرِ الأَكْبَرِ، أَمَّا الكَاهِنُ فَقَدْ يَكُونُ مِثْلَهُ؛ وَقَدْ لَا يَكُونُ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَاطِيًا لِلكَذِبِ وَالشَّعْوَذَةِ وَالتَّلْبِيسِ دُونَ حَقِيقَةِ السِّحْرِ وَادِّعَاءِ الغَيبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>