للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - مَنْ أَتَى الكَاهِنَ مُطْلَقًا فَقَدْ كَفَرَ كُفْرًا أَصْغَرَ (١)، وَذَلِكَ جَمْعًا بَينَ النُّصُوصِ، فَيَكُونُ حُكْمُ الفِعْلِ أَنَّهُ كُفْرٌ وَيُعَاقَبُ عَلَيهِ بِعَدَمِ قَبُولِ الصَّلَاةِ أَرْبَعِينَ يَومًا، وَلَمْ نَقُلْ بِكَونِهِ كُفْرًا أَكْبَرَ لِكَونِهِ خَصَّ عَدَمَ القَبُولِ بِأَرْبَعِينَ يَومًا، وَلَو كَانَ كَافِرًا لَمْ تُقْبَلْ صَلَاتُهُ وَسَائِرُ عَمَلِهِ مُطْلَقًا (٢)!

وَيَكُونُ كُفْرًا أَكْبَرَ إِذَا اسْتَحَلَّ إِتْيَانَهُم (٣).

٣ - إِمْرَارُ هَذِهِ النُّصُوصِ كَمَا جَاءَتْ دُونَ الخَوضِ فِي تَفْصِيلِهَا، فَيُطْلَقُ عَلَى مَنْ أَتَى الكَاهِنَ أَنَّهُ كَفَرَ وَلَا تُقْبَلُ لَهُ صَلَاةُ أَرْبَعِينَ يَومًا، وَلَا نَخُوضُ فِي بَيَانِ حَقيقَتِهَا لِيَكُونَ أَوقَعَ فِي النُّفُوسِ وَأَشَدَّ فِي الزَّجْرِ، "وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَانَ يَتَوَقَّى الكَلَامَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ النُّصُوصِ تَوَرُّعًا، وَيَمُرُّهَا كَمَا جَاءَتْ مِنْ غَيرِ تَفْسِيرٍ؛ مَعَ اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ المَعَاصِيَ لَا تُخْرِجُ عَنِ المِلَّةِ" (٤) (٥).


=
وَمِثْلُهُ أَيضًا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الأَوسَطِ (٦٦٧٠) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: ((مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ؛ فَقَدْ بَرِءَ مِمَّا أُنِزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ، ومَنْ أَتَاهُ غَيرَ مُصَدِّقٍ لَهُ؛ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةُ أَرْبَعِينَ يَومًا)). ضَعِيفٌ. الضَّعِيفَةُ (٥٢٨١).
(١) وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَد، كَمَا فِي (الفُرُوعُ) لِابْنِ مُفْلِحٍ (١٠/ ٢١١).
(٢) قَالَ صَاحِبُ فَتِحِ المَجِيدِ (ص ٢٩٦) ﵀: "هَذَا عَلَى قَولِ مَنْ يَقُولُ: هُوَ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ. أَمَّا عَلَى قَولِ مَنْ يَقُولُ بِظَاهِرِ الحَدِيثِ؛ فَيُسْأَلُ عَنْ وَجْهِ الجَمْعِ بَينَ الحَدِيثَينِ".
(٣) قَالَ صَاحِبُ عَونُ المَعْبُودِ بِشَرْحِ سُنَنِ أَبِي دَاوُد (١٠/ ٢٨٤): "وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الاسْتِحْلَالِ أَو عَلَى التَّهْدِيدِ وَالوَعِيدِ".
(٤) الفُرُوعُ (١٠/ ٢١٣).
(٥) قُلْتُ: وَالأَرْجَحُ عِنْدِي هُوَ القَولُ الثَّانِي لِتَضَافُرِ الأَدِلَّةِ وَجَمْعِهَا، أَمَّا عَلَى قَولِ إِمْرَارِهَا كَمَا جَاءَتْ فَهُوَ صَحِيحٌ فِي مَوضِعِهِ مِنَ الزَّجْرِ، وَلَكِنَّهُ لَا يُنَافِي مَعْرِفَةَ حُكْمِهِ، وَذَلِكَ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيهِ مِنَ الآثَارِ، وَكَي لَا تَبْقَى الأَدِلَّةُ دُونَ تَوجِيهٍ. وَاللهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>