للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالتَّعْلِيقُ عَلَيهِ هُوَ مِنْ أَوجُهٍ:

١ - أَنَّهُ مُجَرَّدُ ظَنٍّ وَتَخْمِينٍ مِنْ أَبِي بَكْرٍ ، وَذَلِكَ لِقَولِهِ: (أُرَاهَا) أَي: أَظُنُّهَا، فَلَيسَ هُوَ مِنَ العِلْمِ بِالغَيبِ بِحَالٍ.

٢ - أَنَّ سَبَبَهَا قَدْ يَكُونُ رُؤْيًا رَآهَا ، كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ المُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ مُزَينٍ (١): "قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا: وَذَلِكَ لِرُؤْيَا رَآهَا أَبُو بَكْرٍ" (٢).

٣ - أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى كَونِهِ مِنْ جُمْلَةِ الكَرَامَاتِ الَّتِي أُكْرِمَ بِهَا -كَمَا سَبَقَ فِي الأَثَرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ لَمَّةِ المَلَكِ-.

- وَأَمَّا الأَثَرُ أَنَّ أَنَسًا دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ ؛ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: "يَدْخُلُ عَلَيَّ أَحَدُكُم وَأَثَارُ الزِّنَى ظَاهِرةٌ عَلَى عَينهِ! " فَهُوَ أَثَرٌ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيثِ المَشْهُورِينَ؛ بَلْ رَوَاهُ القُشَيرِيُّ فِي رِسَالَتِهِ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ (٣).

وَإِنْ صَحَّ؛ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الظَّنِّ وَالحَدْسِ الَّذِي يَقَعُ فِي خَاطِرِ المُؤْمِنِ وَقَلَّمَا يُخْطِئ، وَلَيسَ لَهُ دِلَالَةٌ عَلَى عِلْمِ الغَيبِ أَصْلًا، وَبَيَانُ ذَلِكَ هُوَ مِنْ وَجْهَينِ:

أ- أَنَّ أَنَسًا قَالَ -جَوَابًا عَلَى قَولِ عُثمان : "أَوَحْيٌ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ؟! " فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى تَأْكِيدِ عَدَمِ العِلْمِ بِالغَيبِ بَعْدَ وَفَاتِهِ ؛ وَأَنَّ ذَلِكَ الجَزْمَ لَا يَكُونُ إِلَّا وَحْيًا.


(١) هُوَ يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُزَينٍ؛ أَبُو زَكَرِيَّا: عَالِمٌ بِلُغَةِ الحَدِيثِ وَرِجَالِهِ، مِنْ أَهْلِ قُرْطُبَةَ، (ت ٢٥٩) هـ. الأَعْلَام لِلزِّرِكْلِيِّ (٨/ ١٣٤).
(٢) شَرْحُ الزَّرْقَانِيِّ (٤/ ٨٦).
وَالزَّرْقَانِيُّ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ البَاقِي بِنِ يُوسُفَ الأَزْهَرِيُّ؛ المَالِكيُّ، (ت ١١٢٢) هـ.
(٣) أَفَادَهُ الشَّيخُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الغُنَيمَانُ فِي كِتَابِهِ (عِلْمُ الغَيبِ فِي الشَّرِيعَةِ الإِسْلَاميَّةِ) (ص ٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>