للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِكْمَتِهِ، أَوَ مِنْ جِهَةِ سُنَّتِهِ سُبْحَانَهُ فِي خَلْقِهِ مِنَ الابْتِلَاءِ وَتَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ.

- قَولُهُ: ((وَالأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللهِ) هَذَا الأَمْنُ فِيهِ أَيضًا مَحْذُورَانِ:

١ - الجَهْلُ بِقُدْرَةِ اللهِ تَعَالَى، وَبِإِحَاطَتِهِ سُبْحَانَهُ لِكُلِّ شَيءٍ عِلْمًا وَقُدْرَةً.

٢ - العُجْبُ بِالنَّفْسِ؛ حَيثُ اعْتَقَدَ صَاحِبُ الأَمْنِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ عَذَابًا؛ بَلْ هُوَ أَهْلٌ لِكُلِّ خَيرٍ رُغْمَ مَعَاصِيهِ!

- قَولُهُ: ((مِنَ الكَبَائِرِ)) فِيهِ بَيَانُ أَنَّ المَعَاصِي مِنْهَا الصَّغَائِرُ وَمِنْهَا الكَبَائِرُ وَبَعْضُهَا أَكْبَرُ مِنْ بَعْضٍ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهَا لَيسَتْ مَعْدُودَةً بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَإنَّمَا هِيَ مَحْدُودَةٌ بِحَدٍّ مُعَيَّنٍ.

وَضَابِطُهَا مَا قَالَهُ المُحَقِّقُونَ مِنَ العُلَمَاءِ، وَهِيَ أنَّهَا: "كُلُّ ذَنْبٍ تُوُعِّدَ عَلَيهِ بِنَارٍ أَو لَعْنَةٍ أَو غَضَبٍ أَو عَذَابٍ أَو نَفْي إِيمَانٍ أَو نَفْيٍ مِنَ المِلَّةِ، أَو لَهُ حَدٌّ فِي الدُّنْيَا، أَو وَعِيدٍ مَخْصُوصٌ (١) فِي الآخِرَةِ".

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ : "وَمِنْ أَحْسَنِ التَّعَارِيفِ قَولُ القُرْطُبِيِّ فِي المُفْهِمِ: كُلُّ ذَنْبٍ أُطْلِقَ عَلَيهِ بِنَصِّ كِتَابٍ أَو سُنَّةٍ أَو إِجْمَاعٍ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ أَو عَظِيمٌ، أَو أُخْبِرَ فِيهِ بِشِدَّةِ العِقَابِ، أَو عُلِّقَ عَلَيهِ الحَدُّ، أَو شُدِّدَ النَّكِيرُ عَلَيهِ: فَهُوَ كَبِيرَةٌ.


(١) قَالَ الحَافِظُ الهَيتَمِيُّ فِي كِتَابِهِ الزَّوَاجِرُ عَنِ اقْتِرَافِ الكَبَائِرِ (١/ ٨): "وَخَرَجَ بِالْخُصُوصِ مَا انْدَرَجَ تَحْتَ عُمُومٍ؛ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي كَونِهِ كَبِيرَةً بِخُصُوصِهِ".
وَقَالَ الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي التَّفْسِيرِ (٢/ ٢٨٤): "وَقَدِ اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فِي حَدِّ الْكَبِيرَةِ، فَمِنْ قَائِلٍ: هِيَ مَا عَلَيهِ حدٌّ في الشرع، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هِيَ مَا عَلَيهِ وَعِيدٌ لِخُصُوصِهِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَقِيلَ غَيرَ ذَلِكَ".

<<  <  ج: ص:  >  >>