للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- أَوجُهُ بَيَانِ أَنَّ المَصَائِبَ نِعْمَةٌ (١):

١ - مُكَفِّرَاتٌ لِلذُّنُوبِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: ((عَجَّلَ لَهُ العُقُوبَةَ)).

٢ - تَدْعُو إِلَى الصَّبْرِ؛ فَيُثَابُ عَلَيهَا -كَمَا فِي آيَةِ البَابِ- (٢) (٣).

٣ - تَقْتَضِي الإِنَابَةَ إِلَى اللهِ وَالذُّلَّ لَهُ، حَيثُ يَسْتَشْعِرُ العَبْدُ ضَعْفَهُ وَحَاجَتَهُ إِلَى رَبِّهِ، وَيَظْهَرُ افْتِقَارُهُ إِلَيهِ، فَتَظْهَرُ عُبُودِيَّتُهُ لَهُ سُبْحَانَهُ (٤).

٤ - رَفْعُ الدَّرَجَاتِ (٥)، كَمَا فِي الحَدِيثِ: ((يَوَدُّ أَهْلُ العَافِيَةِ يَومَ القِيَامَةِ -حِينَ


(١) وَلَكِنَّهَا بِقَيدِ الحَدِيثِ السَّابِقِ: ((وَلَيسَ ذَلِكَ إِلَّا لِلمُؤْمِنِ)).
(٢) قُلْتُ: وَفِي حَدِيثِ البُخَارِيِّ (١٢٨٣)، وَمُسْلِمٍ (٩٢٦) عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: ((إنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى)).
قَالَ الإِمَامُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (٦/ ٢٢٧): "مَعْنَاهُ: الصَّبْرُ الكَامِلُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيهِ الأَجْرُ الجَزِيلُ لِكَثْرَةِ المَشَقَّةِ فِيهِ، وَأَصْلُ الصَّدْمِ الضَّرْبُ فِي شَيءٍ صُلْبٍ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي كُلِّ مَكْرُوهٍ حَصَلَ بَغْتَةً".
(٣) قُلْتُ: وَقَدْ تَجْتَمِعُ الكَفَّارَةُ وَالإِثَابَةُ فِيهَا.
قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ : "وَلِهَذَا كَانَتِ الْمَصَائِبُ تُكَفِّرُ سَيِّئَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَبِالصَّبْرِ عَلَيهَا تَرْتَفِعُ دَرَجَاتُهُمْ". مَجْمُوعُ الفَتَاوَى (١٤/ ٢٥٥).
(٤) "وَالمُؤْمِنُ إِذَا اسْتَبْطَأَ الفَرَجَ وَأَيِسَ مِنْهُ بَعْدَ كَثْرَةِ دُعَائِهِ وَتَضَرُّعِهِ وَلَمْ تَظْهَرْ لَهُ اسْتِجَابَةٌ؛ رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ بِاللَّومِ، وَهَذَا اللَّومُ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الطَّاعَاتِ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ انْكِسَارَ العَبْدِ لِمَولَاهُ، وَاعْتِرَافَهَ لَهُ بِأَنَّه أَهْلٌ لِمَا نَزَلَ بِهِ مِنَ البَلَاءِ، وَأَنَّهُ لَيسَ أَهْلًا لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ، فَلِذَلِكَ تَسْرعُ إِلَيهِ حِينَئِذٍ إِجَابَةُ الدُّعَاءِ وَتَفْرِيجُ الكُرَبِ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى عِنْدَ المُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُم مِنْ أَجْلِهِ". جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (١/ ٤٩٤) بِتَصَرُّفٍ يَسِيرٍ.
(٥) هَذَا مَعَ بَيَانِ أَنَّ الأَصْلَ فِي المَصَائِبِ أَنَّهَا بِسَبَبِ الذُّنُوبِ، لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾ [الشُّورَى: ٣٠]، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِسَبَبِ الذُّنُوبِ كَانَتْ امْتِحَانًا لِلْعَبْدِ كَي يَظْهَرَ صَبْرُهُ وَيَنَالَ الدَّرَجَاتِ العَالِيَةَ عِنْدَ رَبِّهِ، كَمَا فِي حَدِيثِ البُخَارِيِّ (٥٦٤٨) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
=

<<  <  ج: ص:  >  >>