للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرْعِيِّ كَمَا فَعَلَ إِبْلِيسُ" (١).

- قَولُ الإمَامِ أَحْمَدَ : (عَجِبْتُ). العَجَبُ نَوعَان:

١ - عَجَبُ اسْتِحْسَانٍ، كَمَا فِي البُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ : (كَانَ النَّبِيُّ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ) (٢).

٢ - عَجَبُ إِنْكَارٍ، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ﴾ [الصَّافَات: ١٢]، وَكَمَا فِي كَلَامِ الإِمَامِ أَحْمَدَ هُنَا.

- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ الأَمْرُ هُنَا هُوَ وَاحِدُ الأَوَامِرِ، وَلَيسَ مِنَ الأُمُورِ أَي (الشُّؤُونِ)، وَهُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ؛ فَيَعُمُّ جَمِيعَ الأَوَامِرِ، وَعُدِّيَ فِعْلُ (يُخَالِفُونَ) بِـ (عَنْ) لِإفَادَتِهِ مَعْنَى الإِعْرَاضِ (٣).

- حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ الطَّائِيِّ بِتَمَامِهِ -كَمَا عَنْدَ الطَّبَرانِيِّ فِي الكَبِيرِ- قَالَ: أَتَيتُ النَّبِيَّ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: ((يَا عَدِيُّ اطْرَحْ هَذَا الوَثَنَ مِنْ عُنُقِكَ))، فَطَرَحْتُهُ، فَانْتَهَيتُ إِلَيهِ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ بَرَاءَة، فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التَّوبَة: ٣١] حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا، فَقُلْتُ: إِنَّا لَسْنَا نَعْبُدُهُمْ، فَقَالَ: ((أَلَيسَ يُحَرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللهُ فَتُحَرِّمُونَهُ، وَيُحِلُّونَ مَا حَرَّمَ اللهُ


(١) الصَّارِمُ المَسْلُولُ (ص ٥٧).
(٢) البُخَارِيُّ (١٦٨).
(٣) قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي التَّفْسِيرِ (١٩/ ٢٣١): "وَقَولُهُ: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ أُدْخِلَتْ (عَنْ) لِأَنَّ مَعْنَى الكَلَامِ: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يَلُوذُونَ عَنْ أَمْرِهِ، وَيُدْبِرُونَ عَنْهُ مُعْرِضِينَ".
قُلْتُ: وَكَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى أَيضًا عَنِ المُنَافِقِينَ ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ [النِّسَاء: ٦١].

<<  <  ج: ص:  >  >>