للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَسْتَحِلُّونَهُ؟)) قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: ((فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ)) (١).

- قَولُهُ تَعَالَى: ﴿سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (سُبْحَانَ): اسْمُ مَصْدَرٍ مِنَ التَّسْبِيحِ؛ وَهُوَ التَّنْزِيهُ، أَي: تَنْزِيهُ اللهِ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ.

- اعْلَمْ أَنَّ اتِّبَاعَ العُلَمَاءِ أَوِ الأُمَرَاءِ فِي تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ اللهُ أَو تَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللهُ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ (٢):

١ - أَنْ يُتَابِعَهُم فِي ذَلِكَ رَاضِيًا بِقَولِهِم، مُقَدِّمًا لَهُ، سَاخِطًا لِحُكْمِ اللهِ! فَهُوَ كَافِرٌ،


(١) صَحِيحٌ. الطَّبَرَانِيُّ فِي الكَبِيرِ (١٧/ ٩٢)، وَالتِّرْمِذِيُّ (٣٠٩٥) وَحَسَّنَهُ. الصَّحِيحَةُ (٣٢٩٣).
(٢) أَفَادَهُ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِين فِي كِتَابِهِ (القَولُ المُفِيدُ) (٢/ ١٥٧).
وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ تَفْسِيرِ التَّوحِيدِ نَقْلُ قَولِ شَيخِ الإِسْلَامِ ، وَنُعِيدُهُ هُنَا لِتَمَامِ الفَائِدَةِ:
قَالَ شَيخُ الإِسْلَامِ فِي مَجْموعِ الفَتَاوى (٧/ ٧٠): " وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا -حَيثُ أَطَاعُوهُمْ فِي تَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ اللهُ وَتَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ اللهُ- يَكُونُونَ عَلَى وَجْهَينِ:
أَحَدِهِمَا: أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ بَدَّلُوا دِينَ اللهِ؛ فَيَتْبَعُونَهُمْ عَلَى التَّبْدِيلِ؛ فَيَعْتَقِدُونَ تَحْلِيلَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَتَحْرِيمَ مَا أَحَلَّ اللهُ اتِّبَاعًا لِرُؤَسَائِهِمْ -مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّهُمْ خَالَفُوا دِينَ الرُّسُلِ- فَهَذَا كُفْرٌ، وَقَدْ جَعَلَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ شِرْكًا -وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ لَهُمْ وَيَسْجُدُونَ لَهُم-، فَكَانَ مَنِ اتَّبَعَ غَيرَهُ فِي خِلَافِ الدِّينِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ خِلَافُ الدِّينِ، وَاعْتَقَدَ مَا قَالَهُ ذَلِكَ دُونَ مَا قَالَهُ اللهُ وَرَسُولُهُ: مُشْرِكًا مِثْلَ هَؤُلَاءِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ اعْتِقَادُهُمْ وَإِيمَانُهُمْ [بِتَحْرِيمِ الحَرَامِ وَتَحْلِيلِ الحَلَالِ] ثَابِتًا، لَكِنَّهُمْ أَطَاعُوهُمْ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ -كَمَا يَفْعَلُ المُسْلِمُ مَا يَفْعَلُهُ مِنَ المَعَاصِي الَّتِي يَعْتَقِدُ أَنَّهَا مَعَاصٍ-؛ فَهَؤُلَاءِ لَهُمْ حُكْمُ أَمْثَالِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذُّنُوبِ؛ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: ((إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ)) ".
قُلْتُ: وَهَذا الحَدِيثُ الأَخِيرُ رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٧١٤٥)، وَمُسْلِمٌ (١٨٤٠) مِنْ حَدِيثِ عَليٍّ مَرْفُوعًا.
مُلَاحَظَةٌ: فِي الأُصُولِ (بِتَحْرِيمِ الحَلَالِ وَتَحْلِيلِ الحَرَامِ)!! وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خَطَأٌ مِنَ النُّسَّاخِ.
قَالَ الشَّيخُ نَاصِرُ بْنُ حَمَدٍ الفَهْدُ حَفِظَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (صِيَانَةُ مَجْمُوعِ الفَتَاوَى مِنَ السَّقْطِ وَالتَّصْحِيفِ) (ص ٥٩): "وَقَولُهُ هُنَا (بِتَحْرِيمِ الحَلَالِ وَتَحْلِيلِ الحَرَامِ) قَدْ أَشَارَ عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ تَصْحِيفًا مِنَ النُّسَّاخِ، وَالأَظْهَرُ أَنَّ العِبَارَةَ هِيَ (بِتَحْرِيمِ الحَرَامِ وَتَحْلِيلِ الحَلَالِ) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>