للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ كَرِهَ مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ اللهُ عَمَلَهُ، وَلَا تَحْبُطُ الأَعْمَالُ إِلَّا بِالكُفْرِ، فَكُلُّ مَنْ كَرِهَ مَا أَنْزَلَ اللهُ فَهُوَ كَافِرٌ.

٢ - أَنْ يُتَابِعَهُم فِي ذَلِكَ رَاضِيًا بِحُكْمِ اللهِ وَعَالِمًا بِأَنَّهُ أَمْثَلُ وَأَصْلَحُ لِلعِبَادِ وَالبِلَادِ، وَلَكِنْ لِهَوًى فِي نَفْسِهِ اخْتَارَهُ، كَأَنْ يُرِيدَ مَثَلًا وَظِيفَةً؛ فَهَذَا لَا يَكْفُرُ، وَلَكِنَّهُ فَاسِقٌ وَلَهُ حُكْمُ غَيرِهِ مِنَ العُصَاةِ.

٣ - أَنْ يُتَابِعَهُم جَاهِلًا؛ فَيَظُنَّ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ اللهِ، فَهَذَا لَهُ حَالَانِ:

أ- أَنْ يُمْكِنَهُ أَنْ يَعْرِفَ الحَقَّ بِنَفْسِهِ، فَهُوَ مُفَرِّطٌ أَو مُقَصِّرٌ، وَهُوَ آثِمٌ، لِأَنَّ اللهَ أَمَرَ بِسُؤَالِ أَهْلِ العِلْمِ عِنْدَ عَدَمِ العِلْمِ.

ب- أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا وَلَا يُمْكِنَهُ التَّعَلُّمُ فَيُتَابِعُهُم تَقْلِيدًا، وَيَظُنُّ أَنَّ هَذَا هُوَ الحَقَّ؛ فَهَذَا لَا شَيءَ عَليهِ، لِأَنَّه فَعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ، وَكَانَ مَعْذُورًا بِذَلِكَ (١).

- قَالَ الشَّافِعِيُّ : "إنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ قَضَى فِي الإِبْهَامِ بِخَمْسَ عَشَرَةَ، فَلَمَّا وَجَدَ كِتَابَ آلِ عَمْرُو بْنِ حَزْمٍ؛ وَفِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قَالَ: ((وفي كُلِّ إِصْبَعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ)) صَارُوا إِلَيهِ. قَالَ: وَلَمْ يَقْبَلُوا كِتَابَ آلِ عَمْرُو بْنِ حَزْمٍ -وَاللهُ أَعْلَمُ- حَتَّى ثَبَتَ لَهُم أَنَّهُ كِتَابُ رَسُولِ اللهِ. وَفِي هَذَا الحَدِيثِ دِلَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: قَبُولُ الخَبَرِ.

وَالأُخْرَى: أَنْ يُقْبَلَ الخَبَرُ فِي الوَقْتِ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ عَمَلٌ مِنْ أَحَدٍ


(١) وَقَالَ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِين أَيضًا فِي كِتَابِهِ (القَولُ المُفِيدُ) (١/ ٢٧٣): "وَالعَجَبُ أَنَّهُم فِي العِرَاقِ يَقُولُونَ: عِنْدَنَا الحُسَينُ؛ فَيَطُوفُونَ قَبْرَهُ وَيَسْأَلُونَهُ! وَفِي مِصْرَ كَذَلِكَ! وَفِي سُورِيَّا كَذَلِكَ! وَهَذَا سَفَهٌ فِي العُقُولِ وَضَلَالٌ فِي الدِّينِ، وَالعَامَّةُ لَا يُلَامُونَ فِي الوَاقِعِ، لَكِنَّ الَّذِي يُلَامُ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ العُلَمَاءِ وَمِنْ غَيرِ العُلَمَاءِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>